آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أرشيف

أخبار التجدد حوار مختارات أخبار يومية

حديث د. أنطوان حداد الى الاعلامية رلى حداد
ضمن برنامج "استجواب" على اذاعة لبنان الحر في 9/12/2015
(ملخص الحديث + رابط التسجيل الصوتي)

الأربعاء 9 كانون الأول 2015

مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية قد قطعت نصف الطريق نحو النجاح وهو النصف المتعلق بتقديم الحوافز ان لم نقل التنازلات من قبل الرئيس الحريري، ويبقى النصف الأصعب وهو المتعلق بالحصول على الضمانات، وهي مطلوبة ليس من المرشح فرنجيه فحسب بل من فريقه السياسي وتحديدا من حزب الله. وهذا ما لم يحصل بعد.
تعثر هذه المبادرة تعود الى نقاط ضعفها البنيوية وليس الى اسلوب طرحها او الى الاخراج كما يعتقد البعض، أي الاسس السياسية التي تستند اليها هذه المبادرة، كالموقف من الحرب ومشاريع التسوية في سوريا، وكيفية ادارة الخلاف حولها، وقانون الانتخاب، وتوقيت وآلية معالجة سلاح حزب الله، وقانون الانتخاب وموعد الانتخابات، وشكل الحكومة وتركيبتها وطريقة عملها. اما ابرز نقاط القوة فهي ان تسمية المرشح فرنجية اتت من قبل زعيم المعسكر الآخر، الذي قدم لفريق 8 آذار بقيادة حزب الله ما يسمى بالعرض الذهبي أي الذي لا يمكن رفضه. وهذا ما وضع الحزب لا شك في وضع محرج وصعب امام حليفه الاكثر نفوذا وحضورا على الساحة المسيحية اي العماد ميشال عون.
بالاضافة الى الاحراج، حادثتان ساهمتا ربما في "نقزة" حزب الله، اولا قيام السعودية غداة ترشيح الحريري لعون بادراج أسماء من حزب الله على لائحة الارهاب، ثم اقدام شركة عربسات على وقف بث قناة المنار بعد أيام على وقف بث قناة الميادين ما أثار الريبة حول حقيقة وجود تسوية ايرانية-سعودية بشأن الرئاسة.
الرئيس الحريري يكرر مع فرنجية تجربة أثبتت عدم نجاحها مع عون، لأن أساس المشكلة سياسي وليس شخصي. في اعتقادي انه كان من الاجدى الابقاء على خيار المرشح التوافقي او الحيادي بين معسكري 8 و14 آذار، حتى لو تطلب الامر وقتا اضافيا. فهذا خيار منطقي ومنصف ويعبر بأمانة اكبر عن موازين القوى الداخلية والخارجية.
هذه المبادرة تستند الى درجة ما من الدعم الخارجي لكن هذا الدعم لا يرقى في رأيي الى مرتبة الحماس او التبني المطلق بل الى رغبة في تحصين التهدئة وربط النزاع اللذين تم التوصل اليهما لدى تشكيل الحكومة الحالية، عبر ملء الشغور الرئاسي، رغم اعتقادي ان لا يوجد خطر انفجار العنف او انتقال الحرب الى لبنان، اذ يوجد تقاطع دولي واقليمي على تهدئته دون ان يكون هناك لا قلق كبير ولا رغبة جامحة في حل مشكلته جذريا.
الموقف السعودي يتراوح بين اللاممانعة والقبول، طالما ان اولوياتهم هي اليمن اولا ثم سوريا. اما ايران فالارجح انها انتقلت من موقف تعطيل الاستحقاق الرئاسي ومحاولة ادراجه في صفقة تبادلية اوسع الى مرحلة التسهيل وعدم الممانعة بعد توقيع الاتفاق النووي وقبولها على طاولة المفاوضات حول سوريا في فيينا. لذلك ظهرت بوادر التسوية اولا على لسان السيد حسن نصرالله. والولايات المتحدة لا تمانع في اي تقاطع بين المصلحتين طالما الجميع يخطب ودّها.
بهذا المعنى، فان ضعف الاهتمام النسبي بلبنان يتيح هامشا واسعا لما يعرف ب"لبننة الاستحقاق"، انما للأسف الشديد الاطراف المحليون ليسوا جميعا مؤهلين لالتقاط هذه الفرصة والذهاب الى التوافق على انتخاب شخصية مارونية محايدة ومحترمة لرئاسة الجمهورية بدل تمسك كل فريق بمطالب الحد الاقصى أو معادلة "انا او لا احد".
ما يتم تداوله ان ترشيح فرنجية قد تم لان الرئيس بشار الاسد سيغادر السلطة هو من باب الترويج السياسي، اذ لا توجد اي ضمانات حول الموضوع. صحيح ان الاسد لم يعد قادرا على حكم سورية لكن مصيره بات مرتبطا بارادات دولية هي التي تحدد موعد مغادرته.
حزب الله لم يعط بعد جوابا علنيا حول ترشيح فرنجية، كذلك عون كما جعجع رغم معارضتهما القوية المضمرة لهذا الترشيح. يفترض بحزب الله ان يرى في انتخاب فرنجية فرصة ذهبية، لكنه لا يريد المغامرة بخسارة عون. انا لا اتخيل ان يكون فرنجية قد انطلق في هذا المشروع من دون الحصول على ضوء أخضر من حزب الله. السيد نصرالله عندما يجد ان مكاسب الحزب من انتخاب فرنجية تتفوق على أثمان اغضاب عون يمشي بالتسوية، وهذا ربما غير متوفر الان.
باعتقادي ان حظوظ هذه التسوية اصبحت ضعيفة في المدى المنظور، ولكن امكانات الاختراق فيها ممكنة في اية لحظة طالما لا يوجد مبادرة بديلة.
النقاش حول الضمانات قد يراوح مكانه لأنه يوجد تفسيرات عدة لمحتوى سلة التسوية، تفسير ضيق يكتفي بانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وتحديد موعد للانتخابات النيابية، وتفسير أوسع يتضمن الاتفاق مسبقا على قانون الانتخاب.اما انا فانني اضيف اولوية غير مدرجة على قوائم الطبقة السياسية، هي ضرورة الاصلاح والتحديث فالبلد لا يعاني من خطر الانفجار الامني حاليا بل من خطر الانهيار الاقتصادي والتفكك الاجتماعي.
لا ارى اللحظة ملائمة للمس بالدستور او باتفاق الطائف لا لحزب الله ولا لغيره، اذ يملك الحزب ربما القدرة على تعطيل الدستور كما هو حاصل منذ 7 أيار 2008 ولكنه غير قادر على تغييره. النظام اللبناني من افضل الانظمة الدستورية في العالم، وما نعانيه اليوم هو من جراء تعطيل الدستور وليس من جراء تطبيقه، خصوصا ان نظام الطائف منفتح وتدرجي وقابل للتطوير ويزاوج بين اعطاء ضمانات للجماعات وحقوق متساوية للافراد. والتطور المنطقي هو انشاء مجلس شيوخ منتخب على قاعدة اقتراح اللقاء الارثوذكسي وان يبقى المجلس النيابي مناصفة لفترة كافية لبناء الثقة يصبح بعدها انتخاب النواب من قيد طائفي.
اداء 8 آذار افضل بكثير من اداء 14 آذار التي تعاني من ازمة ثقة بين مكوناتها رغم انها محكومة موضوعيا بالجلوس معا والاستفادة من التجارب خلال السنوات الماضية. وفقدان الثقة بين مكونات 14 اذار يعود الى التفرد في اتخاذ القرارات الاستراتيجة كمثل مشروع سين-سين او الخيارات الكبرى كمثل الموقف من مشروع اللقاء الارثوذكسي، او في التعامل مع المستقلين ومحاولة استيعابهم او تهميشهم.
ربما هناك رغبة كامنة عند المستقبل والنائب وليد جنبلاط بالابقاء على قانون الستين، بينما التمثيل الشيعي لا يتأثر بأي قانون في ظل فائض القوة ووهج السلاح. الحل الامثل لقانون الانتخاب ان يأتي تحت سقف الطائف، مع احترام التمثيل المحلي والسياسي معا، وهو امر ضروري وممكن عبر النظام المختلط الذي يجمع بين الاكثري والنسبي.
التطبيع والتبريد بين القوات وعون ضروريان ويشكلان مصلحة مسيحية ولبنانية، انما ما زال هذا التطبيع من دون محتوى سياسي، وعلى المسيحيين التفتيش على الثوابت الوطنية التي تحفظ الصيغة اللبنانية وتعمل على تلطيف الاستقطاب السني-الشيعي.
بكركي للاسف الشديد ضعف دورها منذ رعايتها للقانون "الارثوذكسي"، وحين وافقت لاحقا على حصر الترشيح للرئاسة بما يعرف بالموارنة الاربعة الاقوياء.
الاستياء من ترشيح فرنجية لا يقتصر على المسيحيين بل الشارع السني ايضا غير مهيئ لهذا الخيار.
اتمنى، ومن دون اوهام كبرى، لو يتفق القادة المسيحيون على شخصية مارونية محترمة وحيادية بين 8 و14 اذار وبين السعودية وايران وتكون تملك رؤية اصلاحية. وعندها تسجل اسماءهم بحروف من ذهب.




إطبع     أرسل إلى صديق


عودة إلى أرشيف أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: