آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أرشيف

أخبار التجدد حوار مختارات أخبار يومية

ملخص حديث الدكتور انطوان حداد مع الاعلامية بولا يعقوبيان
ضمن برنامج "انترفيوز" على تلفزيون المستقبل في 6/1/2016

الخميس 7 كانون الثاني 2016

المواجهة بين السعودية وايران ليست حربا دينية او صداما بين عموم السنة وعموم الشيعة، بل هي مواجهة سياسية ترتدي لباسا مذهبيا، حتى وان كانت شريحة كبرى من السنة تؤيد السعودية وشريحة كبرى من الشيعة تؤيد ايران. المشروع السياسي للنظام الايراني هو اقامة قوة اقليمية مهيمنة، وولاية الفقيه بهذا المعنى ليست نظاما للحكم فحسب بل هي وسيلة لتصدير الثورة الى الدول التي يشكل الشيعة جزء من نسيجها المجتمعي، والسعي الى وضع هؤلاء تحت وصاية النظام الايراني بحيث يشكلون قاعدة لنفوذه. هذا الطموح يتجاوز مفهوم الدولة الوطنية وحرمة الحدود الدولية ويفاقم الاستقطاب الطائفي والمذهبي في تلك الدول والمجتمعات.
من هنا فان التجاوب مع هذه الدعوة كان متفاوتا، فالشيعة ليسوا كلهم مع هذا التوجه. والعديد من المرجعيات او المفكرين او السياسيين الشيعة دفعوا اثمانا كبيرة في التصدي لها، سواء داخل ايران وفي قم تحديدا او خارجها في النجف، السيد علي السيستاني، وفي لبنان، السيد محمد حسين فضل الله. وكل هؤلاء لا يقرون بولاية الفقيه. آية الله الخميني، وان كان هو نفسه من اطلق شرارة تصدير الثورة، لم يسع الى ابراز الخصوصية الشيعية وفرز الشيعة عن السنة لا بل كان ينادي بالوحدة الاسلامية ويطمح الى قيادة هذه الوحدة. الفرز المذهبي والتعبئة الشيعية لم يصبحا سياسة شبه رسمية ولم يتكرسا الا في السنوات العشر الاخيرة، بدء من العراق لاخضاعه للهيمنة الايرانية بعد تعثر الغزو الاميركي لهذا البلد، وصولا الى لبنان بعد خروج القوات السورية، ومؤخرا في اليمن.
++++++
التدهور الحاصل بعد احراق السفارة والقنصلية السعودية في ايران غير مسبوق في العلاقات السعودية-الايرانية التي تتسم بدرجات متفواتة من التوتر منذ سنوات، ذلك ان السعودية اتخذت مؤخرا قرارا حازما بعدم السكوت لا بل بالتصدي لاي انتهاك من قبل الطرف الآخر. معالم هذه السياسة بدأت مع القيادة السعودية الجديدة، وظهر الى العلن مع عاصفة الحزم حيث تم وضع خط أحمر لتمدد الحوثيين وتهديدهم بالسيطرة على كامل اليمن التي تعتبر بمثابة عقر الدار او الحديقة الخلفية للسعودية.
الغاية النهائية للسياسة السعودية الجديدة ليست، ولا يجب ان تكون، حربا مفتوحة على ايران او مواجهة مفتوحة بين العرب وايران، بل اقامة سد في وجه التمدد الايراني كمقدمة ضرورية للوصول الى علاقات طبيعية ومتوزنة ومحترمة معها. ذلك ان ايران دخلت مرحلة جديدة بعد الاتفاق النووي وهي تقف امام خيار حاسم اما العودة الى احضان المجتمع الدولي والشرعية الدولية او الاستمرار في السياسة الحالية. واسقاط العقوبات الدولية عنها الذي يدخل حيز التنفيذ قريبا قد يشكل اغراء للمتشددين في طهران للاستمرار في سياستهم الحالية. من هنا الحاجة الى سياسة عربية حازمة في وجه مثل هذا التوجه.
السياسة السعودية الجديدة تحتاج الى وقت لكي تؤتي ثمارها واقامة التوازن المطلوب، واستعادة المبادرة هنا تحتاج الى اربعة شروط استراتيجية:
1- رص الصفوف العربية، وخصوصا استعادة الدور المصري الفاعل.
2- ترسيخ التحالف مع تركيا، التي لها مصلحة مشتركة في تحقيق التوازن مع ايران.
3- اعادة مقدار ما من الثقة بين الانظمة العربية وشعوبها، اي توسيع القاعدة الشعبية لانظمة الحكم.
4- اعادة اكتساب ثقة المجتمع الدولي، الحكومات والرأي العام.
حول النقطة الاخيرة، لا بد من الملاحظة ان ايران، بالتعاون مع بعض القوى الدولية، نجحت الى حد ما في "شيطنة" الواقع السني، ما افقد العرب تعاطف المجتمع الدولي مع قضاياهم. أحد اهم عناصر القوة في السياسة الايرانية هو "تدعيش السنة" أي اظهارهم وكأنهم متماهين مع داعش او مع القاعدة، فيما هو معروف ان ايران اقامت دائما علاقات سرية مع بعض مسؤولي القاعدة وكان لها دور كبير عبر حلفائها في سورية والعراق في اطلاق قادة داعش من السجون السورية والعراقية.
المهم اليوم في السياسة السعودية الجديدة أنها لا تقاتل دبلوماسيا وأمنيا على الجبهة الايرانية فقط، ولكنها ادركت اقامة هذا الفصل الضروري بين العرب والسنة من جهة وداعش والقاعدة من جهة ثانية. بالنسبة الى عمليات الاعدام التي نفذت مؤخرا، وانا لا أويدها كموقف مبدئي يستند الى حقوق الانسان، فان معناها السياسي انها طالت 43 شخصا من المتطرفين السنة مقابل اثنين او ثلاثة فقط من المعارضين الشيعة. والرسالة منها ان المملكة تتحمل المسؤولية كاملة في التصدي للتطرف المسمى سنيا، وهذه هي الرسالة الاساسية لعملية الاعدام. وانا اعتقد ان الهبّة الايرانية لم تكن على اعدام النمر بقدر ما كانت للتعتيم على الاقدام السعودي في التصدي بشجاعة للارهاب "السني".
الملاحظة الثانية أن السعودية تدرك ان مستقبل المنطقة، كما مستقبل المشروع الايراني بطبعته الحالية، يتقرر في سوريا، وأن مسار التسوية للحرب السورية، الذي انطلق من محادثات فيينا وسوف يتسأنف نهاية هذا الشهر في جنيف، هو مسار يجب خوضه بكل جدية للحصول على تسوية مشرفة تحفظ الحقوق الوطنية المشروعة للشعب السوري وفي طليعتها القضاء على نظام الاستبداد، الذي يشكل ايضا جسر العبور للتمدد الايراني، ليس في سوريا فحسب بل في البلدان المجاورة. اهم النقاط العالقة في العملية السياسية والمفاوضات المرتقبة هي موقع الرئيس بشار الاسد سواء في المرحلة الانتقالية او في المرحلة النهائية. اذا حسمت هذه النقطة لغير صالح الاسد تفقد ايران نقطة ارتكازها الاساسية لأن رصيدها لدى الشعب السوري بات شبه معدوم. وحتى لو تجزأت سوريا الى مناطق نفوذ فان المنطقة الساحلية ستكون منطقة نفوذ لروسيا وليس لايران. وانا اعتقد ان السعودية تدرك هذا الامر.
في المدى المباشر، يجب التركيز على أربعة نقاط هي:
1) تطويق الفتنة السنية الشيعية؛
2) تطويق التطرف السني وقيادة الحرب على داعش؛
3) عدم التساهل في المعركة السياسية الديبلوماسية حول سوريا وتمكين المعارضة السورية لتحقيق اهدافها؛
4) المحافظة على السلم الاهلي والامن في لبنان.
كل ذلك مع وضوح الهدف العام الذي هو جلب ايران الى علاقات سوية وليس اقامة حرب المئة عام معها.
+++++++
خطاب السيد حسن نصرالله الاخير كان شديد العنف حيال السعودية، ولعله الاعنف اذ لم نسمع كلاما على هذا القدر من العنف والتجني من قيادات حزب الله ضد السعودية، ما يثير القلق حول ردود فعل محتملة قد تطال المواطنين اللبنانيين ومصالحهم في السعودية والخليج.
لا يمكن استبعاد مثل ذلك في المطلق، خصوصا ان تدابير مشابهة حصلت في السنوات السابقة في كل من البحرين والامارات، منها على خلفية جوازات سفر غير صحيحة ومنها الآخر على خلفية نشاطات سياسية معينة، لكننا لم نسمع بتدابير تطال اشخاص بسبب انتمائهم الديني او المذهبي. اعتقد ان المسؤولين في السعودية والخليج لديهم من الحكمة والدراية بما يحول دون ذلك. كما ان رهاننا على الا يكون للمواطنين اللبنانيين هناك اي نشاط او موقف يستدعي مثل هذه التدابير.
ليس صحيحا أن لبنان يقع بالكامل تحت الهيمنة الايرانية. صحيح ان حزب الله له نفوذ كبير خارج وداخل الدولة لكنه لا يختزل كل لبنان وكل القرار اللبناني. هو حاول ذلك ولم ينجح فاطاح بحكومة اللون الواحد التي كان قد شكلها ودخل مع الفريق الآخر بربط نزاع حول القضايا الخلافية الكبرى مثل حرية الاحتفاظ بمنظومته العسكرية والامنية وانخراطه في الحرب السورية، وتم تشكيل حكومة من الفريقين لتجسيد هذه التسوية التي ما زالت قائمة رغم هشاشتها ومحدوديتها ورغم الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات، فالاولوية اليوم بالنسبة لحزب الله ما زالت سوريا استجابة للاستراتيجية الايرانية في المنطقة.
اعلان الادارة الاميركية عن عقوبات جديدة على حزب الله ليس أمرا مستغربا، فالاتفاق النووي لا يعني ان واشنطن اطلقت يد طهران في المنطقة. وعلى العرب ان يحسنوا الاستفادة من هذا الامر.

 




إطبع     أرسل إلى صديق


عودة إلى أرشيف أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: