آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أرشيف

أخبار التجدد حوار مختارات أخبار يومية

الدكتور أنطوان حداد لـ"المدن": عن عودة الطبقة الوسطى في لبنان.

الخميس 16 حزيران 2016

 الرائج منذ تسعينات القرن الماضي، وبعد انتهاء الحرب الأهلية، حديث عن زوال الطبقة الوسطى، واتساع الفروقات بين الأغنياء والفقراء. وهذا ما ينسحب، في مدى أبعد، على غياب الطبقة الوسطى عن الفعل الاجتماعي والإقتصادي والسياسي.

لكن في السنوات الخمس الماضية، يمكن ملاحظة مؤشرات تحيل إلى عودة هذه الطبقة، إن كان من ناحية القضايا المطروحة أم من ناحية الحراكات الاجتماعية التي ينتجها، بشكل رئيسي، "أبناء" هذه الطبقة، بدءاً من حملة إسقاط النظام الطائفي وتحركات "هيئة التنسيق النقابية" وحراك صيف 2015، ومؤخراً التجارب البلدية "المستقلة".

هذه العودة "المحتملة" للطبقة الوسطى تناقشها "المدن" في هذه الحلقة، الأخيرة، مع الأمين العام لـ"حركة التجدد الديمقراطي" الاقتصادي أنطوان حداد. وكانت افتتحت الحوارات مع الخبير الإقتصادي كمال حمدان، ثم الكاتب والأكاديمي فواز طرابلسي.

يميل أنطوان حداد، في فهمه للطبقة الوسطى، إلى مفهومها الغربي الديمقراطي، في اشتماله على 3 أبعاد رئيسية: مستوى الدخل، الموقع المهني وسلم القيم، أي نمط الحياة. وهو يُغلب البعد الأخير على البعدين الأخرين، لذا يبدو عنده أن غالبية المجتمع اللبناني تنتمي إلى هذه الطبقة، مقدراً نسبتها بنحو 60 إلى 70 في المئة، وإن كان، من منظور إقتصادي، يقدر حجمها بنحو 40 إلى 50 في المئة.

لكن هذه الطبقة أو الطبقات، وفق حداد، تلتئم على "مشترك في سلم القيم". مثل موقفها الايجابي من التعليم باعتباره مدخلاً إلى الحراك الاجتماعي الصاعد. وفي نظرتها السلبية إلى العنف، فـ"ما يعطل دخول اللبنانيين في حرب جديدة، وبسبب ما عايشوه في الحرب السابقة، هو كابح اجتماعي". والموقف الرافض للعنف "صار قيمة سلبية حتى في الأسرة". كذلك النظرة إلى المرأة صارت أكثر ايجابية حتى في أكثر البيئات محافظة".

والأهم في ما هو مشترك، وفي ما تنتجه الأبعاد الثلاثة من سلوك سياسي، أن هذه الطبقة تحمل نزعة كبيرة للمساءلة والمحاسبة والمشاركة "في مختلف بيئاتها. وهي تعلي من شأن الكفاءة والجدارة. ورأينا بعض ملامح ذلك في الانتخابات البلدية. ففي البلدات التي أتيح فيها للناس التمرد على المهيمن فعلت ذلك".

والمشترك في سلم القيم ليس مسألة حديثة. فهي كانت موجودة، وفق حداد، في السبعينات وما قبلها، التي شهدت اتساع حجم الطبقة الوسطى، بسبب وجود الجامعات والأحزاب والنقابات والإعلام. على أن البلد دخل بعد ذلك في حرب، وهو ما يفسره حداد بوجود "سياسات الهوية" التي كانت تحد وتغلب القيم المدنية. وهذا القلق على الهوية لا يزال سائداً إلى اليوم، وقد تفاقم منذ اغتيال رفيق الحريري منذ العام 2005 ثم مع ما أنتجته الثورة السورية من صراعات. وهو يتفاعل مع السلوك السياسي للطبقة الوسطى وبيئاتها المختلفة، في ما يبدو أنه أقرب إلى "التكيّف مع سياسات الهوية. ففي كل البيئات هناك خلطة بين قيم الحداثة والحفاظ على الهوية".

والطبقة الوسطى "الموجودة بقوة"، وفق تعبير حداد، تشتغل أحياناً في خيارات فئوية. فـ"كل مظاهر الحيوية بما فيها المظاهر الطائفية تشمل الطبقة الوسطى". هكذا، يمكن مثلاً أن نفهم تحرك طلاب مسيحيين يدرسون في جامعات خاصة ضد الوجود السوري قبل العام 2005. أو مشاركة أفراد من الطبقة الوسطى في القتال مع "حزب الله". وهذا حراك طبقة وسطى فئوي. لكن في مقابل ذلك، يقول حداد، "هناك ارهاصات بروز أجندة عابرة للطوائف، كما في تحركات هيئة التنسيق النقابية، أو التحركات المتأثرة بالربيع العربي في العام 2011، وأخيراً حراك صيف 2015". لكن هذا الاتجاه يتلقاه حداد، على ما يقول، "من دون أوهام". فإذا كان الهم أن يصبح لدينا "أجندة لطبقة وسطى فعلينا إضعاف القلق على الهوية والتخلص من التدخل الخارجي".

وهذان العنصران لا يبدوان متاحين في آخر المسألة. أو، أقله، ليس في مقدور الطبقة الوسطى وحدها تجاوزهما. وبالتالي، هل يمكنها التغيير فعلاً؟ تاريخياً، وفق حداد، عندما يضعف القلق على الهوية "يتاح المجال لانجاز اصلاحات في النظام، مثل المرحلة الشهابية أو مرحلة كميل شمعون الرئاسية الأولى. ويمكن اعتبار حركة 14 آذار لحظة إصلاحية أيضاً، لكنها انتكست عندما دخلت فيها صراعات الهوية. في معنى آخر، الإصلاح السياسي يحتاج إلى طبقة وسطى، لكنها ليست شرطاً ملزماً إذا لم تترافق مع ظروف أخرى".

على أن الطبقة الوسطى، ومنذ العام 2005، تعاني من انتكاسة المصعد الاجتماعي. لكن "الناس لم تفقر كفاية بعد حتى تُبدّي لقمة العيش على ما عداها. وانتكاسة المصعد الاجتماعي لا تعني أنه بدأ يشتغل بطريقة عكسية، أي أن ينزل الناس إلى مستوى الفقر، خصوصاً أن أبناء الطبقة الوسطى لا يزالون ينفقون على مسائل لا تعتبر أساسية. كما أن تغير قيم أبناء هذه الطبقة، في حال تراجع مستواهم الإقتصادي، يلزمه وقت طويل".

في المحصلة، لا يمكن طرح رؤية ايجابية لمصير الطبقة الوسطى، في حال بقيت الأوضاع الإقتصادية على ما هي عليه. لكن هذه الطبقة تعيش مرحلة فيها "نبض أقوى". وهذا ما يرجعه حداد إلى "ضعف القوى السياسية التي كانت تجسد سياسات الهوية الفاقعة، مثل حزب الله أو الأحزاب المسيحية". ذلك أن تأزم هذه القوى، "أتاح المجال للناس من داخلها إلى التفلت، وهذا ما يمكن فهمه من حراك العام الماضي".




إطبع     أرسل إلى صديق


عودة إلى أرشيف أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: