نسيب لحود ... قامة وطنية نادرة (الانباء)
الثلاثاء 14 شباط 2012
جريدة الانباء الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي
قامة ليست كسائر القامات. السياسة بمفهومه تماثل ما ورد في الكتب والنظريات التي تعلّم في الجامعات لطلاب العلوم السياسية، والسياسة بنظره فيها من النبل والأخلاق والاستقامة ما يتفوق على ما عداها من الاعيب واحتيال و"ميكيافيلية".
كان من القلائل الذين فصلوا، من أول الطريق، بين العام والخاص، في زمن صار فيه العام ممراً الى الخاص، والخاص ممراً الى العام، فأقفل منافذ عديدة كان من الممكن لشركاته الهندسية الاستفادة منها.
اتسم بالرصانة والرقي والهدوء، استطاع أن يعبّر عن رأيه السياسي دون إثارة الآخرين، وأن يؤكد ثوابته السياسية دون أن يغضب من يختلف معه في الموقف.
قدّمته الأحداث على انه مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية اللبنانية، قبل أن يقرر هو أن يقدم نفسه وترشيحه الى هذا المنصب في العام 2007، مقدماً في رؤيته للجمهورية خطاباً جامعاً في لحظة الانقسام السياسي الشديد والتوتر الكبير.
لم يقطع خطوط اتصالاته مع أحد، لأنه كان يؤمن بالحوار سبيلاً وحيداً للنقاش السياسي وفض الخلافات مهما تعاظمت.
دخوله العرضي الى الحكومة، كان مناسبة ليؤكد موقفه أن أي سلاح يجب أن يكون في كنف الدولة.
مسيرته الديبلوماسية القصيرة في عاصمة "العم سام" ثبّتت دماثة أخلاقه، وجعلته أكثر مرونة في الرأي.
جمع حوله كوكبة من المثقفين والناشطين، من مختلف الطوائف، في حركة التجدد الديمقراطي، فعكس في ميثاقها تمسكه بالديمقراطية والحرية والتعددية.
رحل رئيس جمهورية أحلام الكثير من اللبنانيين بعد أن صارع المرض لشهور طويلة. وهو سيبقى عنواناً للأخلاق في السياسة، وللفكر الديمقراطي المتنور.
إنه نسيب لحود!