آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




أخبار التجدد

النص الكامل لمداخلة معالي الدكتور خالد قباني في ندوة اللامركزية في حركة التجدد الديموقراطي

الأربعاء 23 نيسان 2014

اللامركزية الإدارية ومشروع قانون اللامركزية الجديد

كثيرة هي مشاريع اللامركزية الإدارية التي قدمت منذ وثيقة الوفاق الوطني التي اقرت في مدينة الطائف بتاريخ 22/10/1989 وحتى اليوم، استجابة لما أوصت به من إصلاحات تناولت، في ما تناولت، على مستوى التنظيم الإداري، في وجهيه المركزي واللامركزي:
- توسيع صلاحيات المحافظين والقائمقامين وتمثيل جميع إدارات الدولة في المناطق الإدارية على اعلى مستوى ممكن تسهيلاً لخدمة المواطنين وتلبية لحاجاتهم محلياً.
والغرض من ذلك تأمين حضور الدولة الفاعل بمؤسساتها وأجهزتها على إقليم الدولة بكامله، وبما يهدف إلى ضخ الدم في أطراف الدولة الباردة وإعادة إحيائها، (اللاحصرية الإدارية Déconcentration).
- إعادة النظر في التقسيم الإداري بما يؤمن الانصهار الوطني وضمان الحفاظ على العيش المشترك ووحدة الأرض والشعب والمؤسسات.
- اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة على مستوى الوحدات الإدارية الصغرى (القضاء ومادون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام، تأميناً للمشاركة المحلية.
ويرمي ذلك إلى تمكين الجماعات المحلية من إدارة شؤونها الذاتية عن طريق مجالس منتخبة محلياً (استقلال ذاتي Autonomie, Libre administration) بما يؤدي إلى مشاركة المجتمع المحلي في إدارة الشأن العام بهدف تحقيق الديموقراطية على الصعيد المحلي، كما هي على الصعيد الوطني.
- اعتماد خطة إنمائية موحدة شاملة للبلاد قادرة على تطوير المناطق اللبنانية وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز موارد البلديات والبلديات الموحدة والاتحادات البلدية بالإمكانات المالية اللازمة.

وهذه الخطة تتطلب تجنيد جميع الطاقات والإمكانات البشرية، وتهيئة الأطر الجغرافية المناسبة على مستوى الوحدات الإقليمية المختلفة، لاستيعاب عملية التنمية والمشاركة فيها، بحيث ينظر إلى إقليم الدولة كوحدة إنمائية متكاملة، وبما يحقق هدف الإنماء المتوازن، الذي يعتبر من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام.
وقد تمحورت المشاريع المقترحة حول ثلاثة، الأول منها هو اقتراح قانون يرمي إلى تعديل قانون التنظيم الإداري، والثاني اقتراح قانون التنظيم الإداري واللامركزية الإدارية، والثالث هو مشروع قانون اللامركزية الإدارية والتنظيم الإداري والمختارين وإعادة تنظيم وزارة الداخلية، وقد أعد وزير الداخلية الأسبق الأستاذ زياد بارود في حينه مشروع قانون بهذا الشأن.
وعلى هذا الأساس، سنتطرق إلى دراسة أبعاد اللامركزية الإدارية، ومن ثم نتناول مشروع قانون اللامركزية الإدارية الجديد.

الفصل الأول: أبعاد اللامركزية الإدارية:
تنطوي اللامركزية الإدارية على جوانب وأبعاد، تظهر مضامينها وجوهرها وتساعد على فهم حقيقة مكوناتها، والتي عادة ما يتناولها الدارسون والباحثون من جانبها الإداري، في حين أن اللامركزية تتضمن ابعاداً ثلاثة:
- البعد التنظيمي الإداري
- البعد السياسي الديموقراطي
- البعد الاقتصادي الإنمائي

أولاً: في البعد التنظيمي الإداري للامركزية
ما من دولة في عصرنا الحاضر إلا وتعتمد نظاماً لا مركزياً، على الصعيد الإداري، إلى جانب النظام المركزي. وتقوم اللامركزية على تنظيم الجهاز الإداري في الدولة بشكل يسمح بتعدد أشخاصها الإدارية على أساس إقليمي، ومؤداها استقلال جزء من أرض الدولة بإدارة مرافقه ويكون للشخص الإداري اللامركزي في هذه الحالة اختصاص عام بالنسبة لهذا الجزء المحدد من أرض الدولة.
ويفترض التنظيم الإداري تحديد العلاقة بين السلطة المركزية والسلطات اللامركزية المتمثلة بالمجالس المحلية، وبالتالي، توزيع الصلاحيات الإدارية بين السلطة المركزية، من جهة، والسلطات المحلية. من جهة ثانية، بما يحقق الاستقلال الذاتي للهيئات المحلية بإدارة نفسها بنفسها، دون المساس بوحدة الدولة، ذلك أن اللامركزية الإدارية وإن كانت تؤمن استقلالاً ذاتياً للجماعات المحلية، إلا أنها تعيش في حضن السلطة المركزية، وعليه، يجب فهم اللامركزية على أنها ليست تبعية وليست استقلالاً.
أ- ليست تبعية بكون علاقة الوحدات والمجالس المحلية بالسلطة المركزية ليست علاقة رئاسية ولا علاقة خضوع، وتالياً ليس للإدارة المركزية سلطة تسلسلية على الإدارة المحلية اللامركزية.
ب- ليست استقلالاً بمعنى أن المجالس المحلية ليست سلطات سيدة (Pouvoirs souverains) وهي لا تحدد لنفسها مجال اختصاصها أو صلاحياتها، بل يبقى هذا الأمر من اختصاص السلطة المركزية (السلطة التشريعية).
فالتبعية والسلطة الرئاسية يؤديان إلى إهدار مفهوم اللامركزية، كما أن الاستقلال يعني زعزعة وحدة الدولة الإدارية والسياسية التي حرص عليها اتفاق الطائف بالتأكيد على ان الدولة اللبنانية دولة واحدة موحدة ذات سلطة مركزية قوية.
وعليه، فإن هناك مبدأين أو قاعدتين تحكم البعد التنظيمي الإداري للامركزية:
- أولاهما الاستقلال الذاتي Autonomie للجماعات المحلية أي للهيئات اللامركزية بإدارة شؤونها الذاتية بنفسها، وهذا يعني إناطة هذه الهيئات بصلاحيات محددة ينص عليها القانون، تمارسها بالاستقلال عن السلطة المركزية، وتتخذ فيها قرارات نافذة بذاتها، إلا ما استثني منها بنص صريح، أي باختصار كلي، تمتع الهيئات اللامركزية بسلطة التقرير، أي اتخاذ القرارات النافذة، بمعزل عن تدخل السلطة المركزية، مع ما يستتبع ذلك من تمتع هذه الهيئات بالشخصية المعنوية والاستقلالين المالي والإداري.
- وثانيهما احتفاظ السلطة المركزية بحق الرقابة على أعمال الهيئات اللامركزية، ضماناً لتحقيق المصالح العامة المحلية واحترام القانون، وذلك في إطار الحد الدنى الذي لا يهدر الاستقلال الذاتي الذي تتمتع به الهيئات المحلية.

ويصطدم هذا التنظيم الإداري بمشكلات كثيرة ومعقدة يقتضي حلها، وذلك من خلال اعتماد تقسيمات إدارية مناسبة لأغراض الإدارة المحلية، ومنها:
- مشكلة تحديد عدد الوحدات الإدارية التي تضمها الدولة وحجمها (محافظات، أقضية، بلديات،...)
- مشكلة تحديد مستويات الوحدات الإدارية اللامركزية، وهل تتكون من مستوى واحد، مثل البلدية في لبنان أو من عدة مستويات (مجالس محافظات، مجالس أقضية-مجالس بلدية)، كما هو الشأن في فرنسا وبريطانيا.
- مشكلة تحديد أنسب وضع للعلاقات بين الوحدات، وهل يكون ذلك عامودياً وعلى شكل تسلسل هرمي، أم أفقياً، بمعنى المساواة بين الوحدات.
- مشكلة توزيع الصلاحيات بين السلطة المركزية والسلطات المحلية وتحديد طبيعة العلاقة ومداها التي تجمع بين المركز والأطراف، والدور المعطى للسلطات المحلية.

ثانياً: البعد السياسي – الديموقراطي للامركزية
تقوم اللامركزية على مشاركة المواطن في إدارة الشأن العام، وبالتالي، فهي ترتكز إلى قاعدة ديموقراطية تقوم على مشاركة الأهالي في القرار وفي إدارة شؤونهم الذاتية بأنفسهم من خلال الانتخابات، وقيام الدولة بتعزيز المناخ الديموقراطي في البلاد وتوفير مناخ الحرية الذي يكفل التعبير عن إرادة المواطن وإطلاق قدراته وإمكاناته وملكاته الفكرية والانتاجية.

والانتخاب، على الصعيد المحلي هو شرط أساسي لتحقيق اللامركزية، لأن النظام اللامركزي هو امتداد للفكرة الديموقراطية على المستوى المحلي. هذا الانتخاب هو الذي ينمي مستوى معين من الثقافة الديموقراطية ويحقق قدراً من المشاركة الشعبية ويقوي الولاء الاجتماعي ويدفع المواطن إلى الاهتمام بالشؤون العامة وحمل المسؤولية.
ويقول العلامة موريس هوريو Maurice Hauriou في هذا الصدد:
" إن اللامركزية تنحو إلى خلق مراكز إدارية عامة مستقلة يعين أشخاصها عن طريق الجسم الانتخابي للوحدة الإدارية ليس بهدف اختيار أفضل السبل لإدارة الوحدات المحلية، وإنما من أجل مشاركة أكثر ديمقراطية للمواطنين. فالمركزية، من وجهة النظر الإدارية، تؤمن للبلاد إدارة أكثر حذقاً وتجرداً وتكاملاً واقتصاداً من اللامركزية. ولكن الوطن ليس بحاجة فقط إلى إدارة حسنة ولكنه بحاجة أيضاً إلى حريات سياسية. والحريات السياسية تفترض مشاركة واسعة من الشعب في الحكم بواسطة الانتخابات السياسية والجمعيات السياسية. والناخبون كما وأعضاء المجالس لا تكتمل تربيتهم وثقافتهم السياسية إلا عن طريق الانتخابات المحلية وفي المجالس المحلية."
فكما أن هناك ديموقراطية سياسية تقوم على مشاركة المواطنين في الحكم عن طريق الانتخابات، كذلك برز على الصعيد الإداري، ما عرف بالديموقراطية الإدارية التي تحقق مشاركة المواطنين على الصعيد المحلي في إدارة شؤونهم الذاتية بعيداً وبالاستقلال عن السلطة الإدارية المركزية. فاللامركزية بحد ذاتها نظام ذا طابع ديموقراطي، لاسيما إذا نظر إليها من زاويتها التاريخية والاجتماعية والسياسية. وهي ليست نهجاً أو أسلوباً من الأساليب الإدارية فحسب، ولكنها موقع اجتماعي لممارسة الحريات الديموقراطية على الصعيد المحلي.
ولعل ألكسي دو تو كفيل هو خير من عبّر عن وجهة النظر هذه، فقد اعتبر اللامركزية مؤسسة ديموقراطية ومدرسة للحريات السياسية.
“C’est pourtant dans la commune que réside la force des peuples libres. Les institutions communales sont à la liberté ce que les écoles primaries sont à la science. Elles se mettent à la portée du peuple. Elles lui en font goûter l’usage paisible et l’habituent à s’en servir. Sans institutions communales, une nation peut se donner un goût libre, mais elle n’a pas l’esprit de la liberté.”
فالعلاقة بين اللامركزية والديموقراطية إذن هي علاقة عضوية وليست علاقة عارضة أو سطحية، وهذه العلاقة قد أفرزت علاقة أخرى متممة، وهي علاقة اللامركزية بالانتخاب نظراً لارتباط الديموقراطية بفكرة الانتخاب.
وعلى هذا الأساس تحكم البعد السياسي الديموقراطي للامركزية فكرتان:
- فكرة المشاركة في إدارة الشأن العام الإداري عل الصعيد المحلي
- فكرة انتخاب الهيئات المحلية من قبل الجماعات المحلية

ثالثاً: البعد الاقتصادي – الإنمائي للامركزية
لقد ذهبت مقدمة الدستور في تركيزها على الإنماء المتوازن للمناطق وأهميته في بناء الوطن ومستقبله، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، إلى حد اعتباره ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام، ومن هنا نفهم عناية اتفاق الطائف برفع درجة اللامركزية الإدارية إلى مستوى القضاء.
والإنماء المتوازن للمناطق يفترض أمرين:
1- دور أساسي للدولة في القيام بعملية الإنماء المتوازن يؤكد على وحدة الدولة والمجتمع ويؤمن التوازن بين المناطق والفئات الاجتماعية.
2- دور للمناطق في عملية الإنماء يؤكد على مشاركة المناطق من جهة، وتكتمل بها الخطة الإنمائية الموحدة الشاملة للبلاد من جهة ثانية.
وينطوي هذا البعد الاقتصادي والإنمائي للامركزية على فكرة التضامن الاجتماعي التي تعتبر ركيزة من ركائز بناء الدولة ووحدتها، وصمام أمان ضد انحراف اللامركزية عن مفهومها الصحيح ومسارها الطبيعي.
ومقتضى هذا الإنماء المتوازن، أن ينظر إلى إقليم الدولة كوحدة إنمائية متكاملة، بحيث لا تنمو منطقة على حساب منطقة أخرى، ولا قطاع اقتصادي على حساب قطاع اقتصادي آخر، بل أن تأتي الخطة الإنمائية موحدة وشاملة للبلاد، وقادرة على تطوير المناطق اللبنانية قاطبة، وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً، دون أن تغفل امداد البلديات والوحدات اللامركزية الإقليمية، بالإمكانات المالية اللازمة لتعزيز دورها ولتمكينها من مواكبة خطة الدولة الإنمائية الشاملة.
وقرار الإنماء، هو قرار سياسي، وهذا يعني أنه من مسؤولية الدولة، وعلى عاتقها تقع عملية البناء والإعمار والإنماء، ولكن هذه العملية لا تكتمل إلا بمشاركة المواطنين جميعاً ومختلف القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في تحمل هذه المسؤولية.
ولا يجوز إهمال البعد الاقتصادي في اللامركزية لأن هذا الإهمال يؤدي إلى التفاوت بين المناطق في حال عدم قيام السلطة المركزية بضبط عملية التنمية على المستوى الوطني. ففي وضع من التفاوت الاجتماعي والاقتصادي يجب أن تتدخل السلطة المركزية لتحقيق المساواة والعدالة لضمان حد أدنى من المصالح العامة الحياتية، لأن الانسجام الاقتصادي هو اساسي وضروري للانسجام الاجتماعي.
في ضوء هذه المعايير والمبادئ، يصح النظر في مشروع القانون الجديد للامركزية الذي أعلنه فخامة رئيس الجمهورية في قصر بعبدا والذي كان له الفضل في متابعته وإطلاقه، كما لعب الوزير بارود دوراً كبيراً في إعداده وإنجازه على الشكل الذي أعلن فيه.


الفصل الثاني: مشروع قانون اللامركزية الإدارية الجديد
قد لا يتسع الوقت للخوض في تفاصيل المشروع بكامله، وسأكتفي ببيان ما هو أساسي فيه من نقاط ومميزات إيجابية ومن نقاط سلبية او ثغرات.

اولاً: في مميزات وإيجابيات مشروع القانون
1- يتميز المشروع بتأكيده على وحدة السلطة المركزية ودورها في خدمة المواطن وحضورها في في المناطق الإدارية من خلال نظام إداري يقوم على الجمع بين المركزية النسبية أواللاحصرية واللامركزية الإدارية، وشموله ودقته وإحاطته بمختلف المسائل التي تتناول اللامركزية الإدارية على مستوى القضاء من مبادئ عامة وهيكلية وتنظيم لمجلس القضاء وتكوينه وطريقة انتخابه وهيئاته وصلاحياته، سواء بالنسبة للهيئة العامة أو لمجلس الإدارة وعلاقته بالسلطة المركزية من خلال المحافظ، ومجلس مدينة بيروت ومالية القضاء والصندوق اللامركزي وتوزيع حصص الأقضية والبلديات من الصندوق والرقابة على اعماله والشراكة بين مجالس الأقضية والقطاع الخاص والهيئة المستقلة للانتخابات.
2- لقد اتسعت مواد المشروع إلى ان وصلت إلى 147 مادة، وقد سبكت بقالب قانوني محكم وبلغة قانونية في منتهى الدقة والوضوح، وتميزت بالسلاسة وتسلسل المواد والمواضيع والأفكار، كما أتبع المشروع بجدول للمحافظات والأقضية والمدن والقرى بما يسمح ببيان الحدود الجغرافية لكل قضاء والمدن والقرى التابعة له، والتي تشكل جغرافية القضاء البشرية.
3- تحديد إطار ونطاق تطبيق اللامركزية الادارية على مستوى البلديات والأقضية، وإلغاء الاتحادات البلدية، مع الإشارة أن التجربة كانت ناجحة، تجنباً لتعدد المجالس المحلية التي لا تتسع لها جغرافية البلاد، وللحؤول دون تضارب الصلاحيات وتعارض المصالح. كما وإلغاء موقع القائمقام في التنظيم الإداري الذي يرأس القضاء بوجود مجلس قضاء منتخب يمثل القضاء محلياً ويفي بحاجات الأهلين ومتطلباتهم ويناط به القيام بالمشاريع الإنمائية وبالتعاون مع القطاع الخاص، وباعتبار أن بقاء القائمقام قد يربك العمل، سواء لجهة علاقته بمجلس القضاء أو في ما يمكن أن يناط به من مهام او صلاحيات في مواجهة مجلس القضاء، في وقت تقلصت فيه صلاحيات الوصاية والرقابة على مجالس الأقضية إلى الحدود الدنيا، ولأن قرارات مجلس إدارة القضاء في مشروع القانون باتت نافذة بحد ذاتها لا معقب عليها، مما يؤكد على مفهوم وجوهر اللامركزية الإدارية القائم على فكرة الاستقلال الذاتي للسلطة اللامركزية وفكرة عدم التبعية.
4- إشراك سكان القضاء (المادة 11) أي المقيمين فيه غير المسجلين والذين ينتمون إليه في سكنهم وعملهم ويدفعون الضرائب المختلفة ضمن نطاقه وينتفعون في الوقت نفسه من خدماته، بحيث تتاح لهم المشاركة الحقيقية في كل ما يتعلق بالشأن العام في هذا القضاء، من خلال انتخاب من يمثلهم فيه. ولكن يستحسن رفع مدة الإقامة إلى العشر سنوات بدلاً من ست سنوات.
5- مراعاة توزيع المقاعد الفائزة بعضوية الهيئة العامة مبدأ الكوتا الجندرية بين الجنسين وفقاً لقواعد
محددة (المادة 18) بما يسمح للنساء على الرغم من مخالفته النص الدستوري لجهة خرقه مبدأ المساواة بين المواطنين، المشاركة في إدارة الشأن العام المحلي، لأن دورهن في غاية الاهمية على الصعيد المحلي في كل أوجه الإنماء، لا سيما على صعيد المحافظة على البيئة، أو على المستوى الثقافي أو الصحي، ولأن إمكانية وصولهن عن طريق الانتخابات إلى عضوية المجلس على الصعيد المحلي أمر ليس متيسراً في كثير من الأحيان، نظراً لتحكم الاعتبارات السياسية والعائلية والحزبية والتقاليد في مثل هذه الانتخابات. ولكن يستحسن أن تحدد مدة تطبيق هذا المبدأ على مدى دورتين وليس اربع دورات أي 12 سنة بدلاً من 24 سنة.
5- إقرار الشراكة بين مجالس القضاء والقطاع الخاص اي بين القطاع العام والقطاع الخاص بما يساهم في التنمية المحلية لما لدى القطاع الخاص من امكانات مالية وطاقات استثمارية، ولما يتوفر له من قدرات فنية وكفاءات وخبرات بشرية عالية في مختلف الشؤون يمكن أن يفيد منها القطاع العام المحلي.

ثانياً: ثغرات وسلبيات مشروع القانون
1- لعل أهم ثغرة أو سلبية في مشروع القانون هي في تكوين مجلس القضاء من هيئة عامة ومجلس إدارة (المادة 5 والمادة 8) بما يجعل الهيئة العامة أشبه ببرلمان مصغر وإلى جانبها مجلس إدارة هو أقرب إلى حكومة يتم انتخابه من قبل هذه الهيئة ويكون مسؤولاً عن أعماله أمامها (المواد 23و26و37و59) مما يؤدي إلى خلق سلطتين لإدارة الشأن المحلي الأمر الذي يعقد الأمور ويبعد المواطن عن رقابة الهيئة المحلية التي تتولى إدارة الشأن المحلي، وهي مجلس الإدارة، أو المشاركة في أعماله عن قرب، في حين انه يجب أن يبقى السكان المحليون على تماس مع من يمثلهم، فضلاًعن ما يمكن أن تخلق هذه التركيبة من حساسيات ونزاعات سياسية تطيح بمفهوم وجدوى اللامركزية الإدارية، وهي مشاركة السكان المحليين مشاركة مباشرة في إدارة الشؤون المحلية العامة، وبحيث يخشى أن يتحول دور مجلس القضاء الإنمائي إلى دور سياسي.
2- تبين أن رئيس مجلس القضاء هو نفسه رئيس مجلس الإدارة وهو ينتخب ونائب الرئيس والأعضاء من قبل الهيئة العامة، فيكون الرئيس متولياً السلطة التنفيذية، إذا جاز التعبير، وفي الوقت نفسه رئيس السلطة التقريرية ومجازاً السلطة التشريعية.
(المواد 23 و24 و25 و26 و60)
3- تنص المادة 36 على إمكانية حل مجلس الإدارة بمرسوم معلل يتخذ في مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح وزير الإدارة المحلية، إذا خالف المجلس أحكام الدستور حصراً.
تثير هذه المادة ثلاثة ملاحظات:
الأولى: ماذا لو لم يتم إنشاء وزارة الإدارة المحلية
الثانية: كيف يمكن حل مجلس الإدارة اذا خالف احكام الدستور. هل مجلس الادارة بات سلطة تشريعية على صعيد القضاء، لكي تخالف قراراته أحكام الدستور أم سلطة إدارية محلية؟ وهل قرارات مجلس الادارة هي قرارات ادارية ام قرارات تشريعية، علماً ان القرارات الادارية يمكن الطعن بها امام القضاء الاداري، والا بات من الواجب اخضاع هذه القرارات لرقابة المجلس الدستوري.
الثالثة: يجب تعديل الفقرة الاخيرة بحيث تصبح:" لا يصبح مرسوم الحل نافذاً الا باتخاذ مجلس شورى الدولة قراراً بعدم وقف التنفيذ".
4- تنص المادة 39 المشابهة للمادة 69 من الدستور اللبناني على خمسة حالات لاعتبار مجلس الإدارة منحلاً حكماً، ومنها، وهي الحالة الاولى في حال شغور مركزي رئيس المجلس ونائبه معاً لسبب الوفاة او الاستقالة او نزع ثقة الهيئة العامة عنهما. ونتساءل، لماذا يحل المجلس في هذه الحالة، الا يمكن انتخاب بديل عنهما، وهل يتجسد المجلس بكامله في الرئيس ونائب الرئيس، باعتباره ربما رئيس حكومة القضاء، وأين حق سائر الأعضاء المنتخبين؟
5- تنص المادة 49 على أنه اذا لم يتمكن مجلس الادارة من عقد اجتماعه لمرتين متتاليتين يعتبر المجلس منحلاً حكماً. لماذا لا تضم هذه المادة الى المادة 39 كحالة سادسة من حالات الحل؟
6- المادة 51 مقتبسة من المادة 65 من الدستور المتعلقة بصلاحيات مجلس الوزراء وكيفية اتخاذ القرارات فيه، حيث تنص المادة 51 من مشروع القانون على أن تتخذ قرارات مجلس الادارة بالتوافق، مما يدعو الى التساؤل، لماذا هذا الاقتباس غير الموفق؟ هل اعتبرنا مجلس الادارة بمثابة مجلس وزراء الحكم المحلي؟ الا يكفي ما يحدث هذا النص في الدستور من التباسات ونزاعات حول تفسيره ومعناه، سياسياً وطائفياً، وهل يراد نقلها داخل مجلس ادارة القضاء في حين ان هذا المجلس لا ينتخب على اساس طائفي او سياسي؟ وتأتي المادة 52 من بعدها تماماً لتنص على القاعدة العامة في اتخاذ القرارات بما يخالف ويناقض ما ورد في المادة 51 بقولها: " تتخذ قرارات المجلس باكثرية الاعضاء الحاضرين، واذا تعادلت الاصوات، يكون صوت الرئيس مرجحاً ".
7- تثير المادة 55 المتعلقة بصلاحيات مجلس الادارة، في بعض فقراتها، الملاحظات التالية:
* إيلاء مجلس شورى الدولة اختصاصاً ليس له ويرهقه بأعمال لا تأتلف مع طبيعة عمله كقضاء، كوضع نماذج لانظمة مجلس القضاء.
* ضم مندوب مجلس الخدمة المدنية بصفة مقرر الى لجنة المباراة او الامتحان لاجراء الامتحانات للوظائف الملحوظة في ملاك مجلس القضاء. والافضل ايلاء صلاحية اجراء الامتحانات او المباريات بكاملها الى مجلس الخدمة المدنية ضمانة للشفافية والنزاهة ولما يتمتع به من خبرة في هذا الشأن.
* ان تخطيط وتنفيذ اشغال البنى التحتية بما فيها السدود والبحيرات ومجاري الانهر وانتاج الطاقة قد يصطدم بصلاحيات بعض الوزارات في هذا الشأن ، ومنها وزارة الطاقة والنفط ووزارة الاشغال العامة.
* ان قبول الهبات من جهات اجنبية حكومية او منظمات حكومية اجنبية يجب ان تكون غير مشروطة، والا يجب اخضاعها لموافقة مجلس الوزراء، لان الامر يتعلق بسيادة الدولة.
* ان فرض الضرائب ومنها ضريبة التحسين على العقارات يعود دستورياً الى السلطة التشريعية، والنص بحالته الحاضرة مخالف للدستور.
8- ان بعض فقرات المادة 58 تنزع عن السلطة المركزية صلاحيات تعود اليها وتخضع هذه السلطة لارادة السلطة اللامركزية المحلية، وتجعل مجلس شورى الدولة حكماً في الخلاف وتوليه سلطة البت بقرار نهائي مبرم في حين أن دوره في هذا الشأن هو اعطاء رأي قانوني استشاري طالما لم يتقدم احد الطرفين بمراجعة قضائية.
9- المادة 60 تنزع عن السلطة المركزية بوجهها الاقليمي (المحافظ) صلاحيات أناطها القانون (التنظيم الاداري ، مرسوم اشتراعي 116/59)، بالمحافظ ومنها اعطاء رخص انشاء واستثمار جميع المحلات المصنفة من جميع الفئات، ورخصة حمل سلاح صيد الطيور ورخص مخازن بيع المفرقعات النارية ورخص استثمار الغابات، ورخص المقالع والكسارات.
10- لم يحل مشروع القانون مشكلة العلاقة بين بلدية بيروت بتسميتها الجديدة مجلس مدينة بيروت وبين المحافظ، ولاسيما لجهة المادة 76 والمادة 77 من المشروع، على الرغم من تغيير تركيبة المجلس الجديد وبنيته وصلاحياته وطريقة انتخابه، بل بقيت قائمة خلافاً لما هو عليه الحال في مجالس القضاء الأخرى.
11- ان بعض فقرات من المادة 78 مخالفة لمبدأ عدم تخصيص واردات الدولة.
12- ان المادة91 تولي في فقرتها الاخيرة الهيئة المستقلة للانتخابات سلطة تنظيمية تعود لمجلس الوزراء (تحديد تطبيق احكام المادة 91) وكذلك المادة 92 منه تولي صلاحية مماثلة لمجلس امناء الصندوق (وضع النظام الاداري والمالي ونظام العاملين).
13- المادة 95 الفقرة 3 – عشر سنوات خبرة على الاقل.
14- إن بعض النسب المعتمدة من الضرائب في المادة 99 لتكوين واردات الصندوق مبالغ فيها.
15- المادة 112 تكلف مجلس شورى الدولة مهمات لا تأتلف مع طبيعة عمله كقضاء وترهقه بأعمال تؤثر على حسن اداء عمله القضائي وسرعة اصدار الاحكام. وهذا ما ينسحب على المادة 135 أيضاً. (نموذج يحدد آلية اقتراح المشاريع وتنفيذها والأنظمة الخاصة بها).
16- اعطاء مجلس الادارة لصالح الشراكة مع القطاع الخاص صلاحية إصدار قرار باستملاك عقارات خاصة كما ورد في المادة 116 واعداد مشروع بذلك هو مخالف للقانون.
17- تنص المادة 127 على اعتبار اعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات العاملين في القطاع العام بحكم المنتدبين ، في حين ان تكوينها وفقاً للمادة 120 لا يتضمن اي عضو عامل في القطاع العام.
18- تنص المادة 129 ان قرارات الهيئة تخضع للطعن امام مجلس شورى الدولة، في حين ان الهيئة المستقلة للانتخابات، كما ورد في المادة 119 هي هيئة ادارية ذات طابع قضائي، وبالتالي فان قراراتها تخضع للنقض امام مجلس شورى الدولة وليس للطعن بما يعني الابطال.

 


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى أخبار التجدد       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: