آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

إلى أيِّ حدٍّ يُمسك "حزب الله" بالقرار في لبنان؟ - طوني عيسى (الجمهورية)

الأربعاء 9 آب 2017

 منذ أن تمّت تسوية عون - الحريري، نمت وجهة نظر يتقاطع عليها حلفاء «حزب الله» وخصومه معاً، ومفادها أنّ «الحزب» هو المنتصر اليوم، وأنه يدير الدولة التي ركَّب أركانها بإتقان، فحدّد مَن يكون فيها رئيساً للجمهورية ومَن يكون رئيساً للحكومة، ووفق الشروط التي يريدها. فلا أحد يقطع اليوم شعرة في لبنان، إلّا بموافقة «الحزب» أو بأمر منه!
في داخل 14 آذار يقول كثيرون: «بعض رفاقنا تنازل لـ«الحزب» عن كل شيء. ولو أراد هؤA275;ء الرفاق أن يصلوا إلى هذا الدرك، لكان اA271;حرى بهم أن يختصروا الوقت ويوفّروا التضحيات الجسيمة التي دفعناها منذ 2005 ويعقدوا الصفقة معه باكراً. فعلى اA271;قل، كنا تجنّبنا ما سقط من شهداء من أجل «ثورة اA271;رز» ووفّرنا على جماهير 14 آذار ما أصيبوا به من خيبات وإحباطات».

يضيف أصحاب هذا الرأي: «فرض «حزب الله» أجندته ومشروعه وخياراته، وانصاع له الـ14 آذاريون بعدما تعبوا من المواجهة ووصلوا إلى اقتناع بعدم قدرتهم على تحقيق اA275;نتصار. فعقدوا معه الصفقة في 2016 تحت عنوان الواقعية السياسية، متناسين أنّ الذين انتفضت عليهم «ثورة اA271;رز» في 2005 كانوا أيضاً يرفعون هذا العنوان منذ مطلع التسعينات، عندما عقدوا الصفقة مع النفوذ السوري في لبنان».

في المعادلة القديمة: سوريا كانت تمسك بأمور اA275;ستراتيجيا (السياسة، العسكر، اA271;من) واA269;خرون ينصرفون إلى المشاريع والصفقات وتوزيع المناصب والمكاسب… والوجاهة! واليوم، المعادلة تقوم على إمساك «حزب الله» بالأمور اA275;ستراتيجية أيضاً، فيما للآخرين أن يسرحوا ويمرحوا ضمن ضوابط التفاصيل والمكاسب الصغيرة.

في رأي هؤA275;ء، أنّ «حزب الله» نجح في إيصال الجميع إلى خيارات اضطرارية. فالرئيس سعد الحريري تبنّى ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة، ثم العماد ميشال عون، وهو يمارس دوراً في رئاسة الحكومة لا يمسّ إطلاقاً بمصالح «حزب الله».

وفي عبارة أكثر وضوحاً، هناك مَن يعتقد أنّ الملفات اA271;ساسية التي لطالما كانت 14 آذار تعتبرها حيويّة لتصويب وضعية «الحزب»، كالسلاح والتورّط في سوريا، طُويت إلى مواعيد غير محدّدة.

ويرى هؤA275;ء أنّ التطورات في جرود عرسال جاءت لتقدّم إثباتاً لنظرتهم. فـ»الحزب» يتصرف هناك مرتاحاً، بالتنسيق الواضح والتحالف مع الرئيس بشار اA271;سد. وهو اتّخذ القرارات التي تناسبه وتناسب حليفه، سواءٌ في مسار القتال أو في مسار التفاوض. وربما يدعم «الحزب» حليفَه اA271;سد لخلقِ تماسٍ اتّصالي مع لبنان، تحت عنوان التنسيق في ملفات ساخنة تبدأ باA273;رهاب والنازحين ولا تنتهي بالكهرباء والنفط.

ويستند هؤA275;ء إلى الكلام الذي أدلى به الحريري نفسه، عبرعدد من وسائل اA273;علام العربية والعالمية، وخلاصته أنّ حالة «حزب الله» هي حالة إقليمية. ويعني ذلك أنّ استمرارها وازدهارها أو سقوطها وانكسارها رهنٌ بموازين الربح والخسارة إقليمياً.

ويعتقد البعض أنّ استمرار اA271;سد وتفكك خصومه في سوريا هما إشارة إلى انتصاره، وأنّ اA275;عتراف العربي والدولي بدوره ودور «حزب الله» في الحرب على اA273;رهاب سيكرّسان لهما موقعاً قوياً في المعادلات المقبلة.

إلى أيّ حدّ تبدو هذه النظرة في محلّها؟

اللافت أنّ «حزب الله» نفسه، ومعه البيئة المحيطة به، درج في اA269;ونة اA271;خيرة على تدعيم هذه النظرة بالقول: «نعم، نحن انتصرنا، ومَن لا تعجبه هذه الحقيقة فليفعل ما يشاء.

ولن نخجل في القول إنّ اA271;مر لنا في السلطة، A271;نّ الخيار الذي أثبت صوابيّته على المستوى اA273;قليمي هو خيارنا، وهو تجلّى بانتصار إيران وثبات موقع الرئيس بشّار اA271;سد في سوريا في مقابل انهزام المحور المقابل».

ولا يمكن التغاضي عن الحقيقة اA269;تية: إنّ القوى الدولية، ومنها واشنطن، تتعاطى بكثير من الحذر مع حالة اA271;سد في سوريا. فهي لا تمارس ضغطاً A273;سقاط النظام.

كما أنّ اA271;سد يضطّلع بدور مقبول هناك لضرب ما يسمّى «الإرهاب التكفيري». وعلى رغم الموقف اA271;ميركي الواضح، الرافض تمدّد النفوذ اA273;يراني في المنطقة، واعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية تستدعي المعاقبة، فإنّ ما يقوم به «الحزب» والأسد في جرود بعلبك يحظى بالموافقة.

لكن ما يرفضه اA271;ميركيون هو أن يحاول «الحزب» استثمار هذه التغطية الدولية لكي يتيح لإيران وضع يدها على الجيش والسلطة في لبنان. فالدور الميداني الموضعي هو الحدّ اA271;قصى المسموح به. وخارج ذلك، حرب واشنطن على «الحزب» مستمرة.

والدليل هو عدم التراجع عن مشروع العقوبات المنتظر. كما أنّ حربها على التمدّد الإيراني مستمرة في العراق وسوريا ولبنان. وفي اA271;يام اA271;خيرة، كانت الضربات اA271;ميركية لحلفاء إيران موجعة عند الحدود العراقية مع سوريا. فجسر بغداد - دمشق ممنوع، وكذلك جسر دمشق - بيروت.

يرعى اA271;ميركيون استقرارَ لبنان، وهم يشجّعون التسويات السياسية الجارية حالياً بصفتها تسويات انتقالية، ويتطلّعون إلى اتفاق اللبنانيين على صيغة تكرّس استقراراً سياسياً على المستوى اA271;بعد. ويقول العالمون إنّ واشنطن تضع لبنان في واجهة أولويّاتها الشرق أوسطية، وهي لن تتخلّى عنه A271;حد، وخصوصاً A273;يران.

ولذلك، هي تتولّى مباشرة مساعدة اللبنانيين على إدارة الملفات الساخنة، ولا سيما منها اA273;رهاب والنازحين والوضع المالي والاقتصادي. ويؤكد هؤA275;ء أنّ لبنان سيحظى بدعم أميركي أكبر في المرحلة المقبلة، ويتوقعون له ازدهاراً غير مسبوق، بعد انتهاء اA271;زمات اA273;قليمية.

وما يقوم به اA273;يرانيون، و«حزب الله»، هو محاولة التسلّل تحت المظلّة الدولية للإفادة من الدعم اA271;ميركي. وهذه السياسة اعتمدها نظام اA271;سد على مدى عشرات السنين في لبنان، حيث كان يأخذ على عاتقه تنفيذ التسويات المغطاة دولياً.

ويطمح اA273;يرانيون و«الحزب» إلى استعادة هذا الدور، من بوابة ضرب اA273;رهاب. لكنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب متشدّدة في هذا المجال، والتسوية معها ليست سهلة، على رغم محاولات الوسطاء الذين يريد «الحزب» تثمير أدوارهم، وآخرهم الحريري في جولته اA271;ميركية.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: