آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

قدر الصراع الاقليمي: أي خيار لبناني؟ - رفيق خوري (الأنوار)

الثلاثاء 10 تشرين الأول 2017

 لبنان النأي بالنفس نظريا محكوم عمليا بصراع المحاور الاقليمية الذي يدخل، أقلّه في الخطاب، مرحلة بالغة الخطورة والدقّة. بعضه أسير الصراعات، وبعضه الآخر فاعل فيها. وليس أمامه سوى خيارات محدودة في مواجهة قدر مستعاد من التاريخ. فلا هو في منأى عن التأثر بالتهديدات المتبادلة المتصاعدة بين أميركا وايران عشيّة تلويح الرئيس دونالد ترامب بالخروج من الاتفاق النووي واعتماد استراتيجية جديدة للحد من النفوذ الايراني، وتلويح قائد الحرس الثوري الجلال محمد علي جعفري بقصف القواعد الأميركية ردا على وضع الحرس ضمن قائمة التنظيمات الارهابية. ولا هو في منأى عن المزيد من التصعيد في الصراع مباشرة وبالواسطة بين الرياض وطهران على مصير الخليج وحروب سوريا والعراق واليمن.
والجديد في الصراع هو أمران: أولهما استعجال المحور الايراني الاعلان عن انتصاره وخسارة المحور السعودي - الأميركي في سوريا والعراق واليمن، وبالتالي انسحاب ذلك على الوضع في لبنان. وثانيهما التطور الذي سجلته القمة بين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس فلاديمير بوتين في العلاقات السعودية - الروسية على الصعيد الثنائي، كما على صعيد التعاون الممكن في معالجة القضايا الاقليمية.

لكن الواقع ان المشهد الاقليمي أشد تعقيدا واكثر سيولة مما يبدو. فلا المحور الاقليمي الرابح يمسك وحده باللعبة في العراق وسوريا ومعهما لبنان، حيث تتعدد القوى الاقليمية والمحلية الممسكة بخيوط في اللعبة التي يديرها الروسي بشيء من الشراكة وشيء من الخلاف مع اميركا ويحاولون ترتيب نوع من التوازن في توزيع الحصص. ولا المحور الاقليمي الخاسر يفتقر الى عصبيات قوية لدى الاكثرية في مواجهة عصبيات قوية للاقلية، كما الى حرص في واشنطن وموسكو وبيانغ يانغ وعواصم اوروبا على دوره السياسي اقليميا والاقتصادي عالميا.
وليس تحكم الصراعات الاقليمية بلبنان قدرا لا يرد، وان كان عاملا مستمرا قبل الاستقلال وبعده، مع شيء من التفاوت في التأثير والتأثر، تبعا للظروف وهوية اللاعبين الخارجيين ونوعية اللاعبين الداخليين. فما يخفف من التأثر بالصراع ويحول دون امتداد النار الاقليمية الى لبنان ويحمي الاستقرار الهش هو حاجة القوى المتصارعة الى خدمات يقدمها الوطن الصغير. وما يحقق ما يتجاوز ذلك ويضمن الاستقرار السياسي والأمني والنمو الاقتصادي بشكل مستدام، قبل الحديث عن الاصلاح، هو ان يكون الحياد والنأي بالنفس خيارا حرا كاملا لدى اللبنانيين والقوى السياسية في كل الطوائف والمذاهب والمناطق.
لكن المشكلة اننا اسرى حسابات خطرة وخطيرة. بعضها في مرحلة ما دون الدولة، وبعضها الآخر عابر لحدود الوطن.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: