آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

السلاحان الأقوى: المال والعصبيات - رفيق خوري(الأنوار)

الجمعة 9 آذار 2018

 لا مهرب أمامنا، حتى ٦ أيار، من طبول المعركة الانتخابية. ولو سقطت السماء على الأرض لما ارتفع صوت فوق ضجيج المعركة. ولا نأي بالنفس عن ادارة المعركة على الطريقة الأميركية، وان كانت مواقف الأطراف في ممارسة السياسات اللبنانية موزعة بين الميل الى السياسات الايرانية والعربية والأميركية والروسية والفرنسية والسورية. فما يميّز الطريقة الأميركية التي صارت تقلّدها دول كثيرة هو طمس النقاش في القضايا الأساسية بالتركيز على مسائل هامشية.
وهو أيضا نوع من مسلسل الجميلة والوحش: شيء من التراشق بالوحل، وشيء من اللجوء الى خبراء الدعاية التجارية في فنّ تسويق السلع لتسويق اللوائح والمرشحين عبر تجميل الصورة. فالتنافس يدور على أجمل الشعارات وأفخمها في الحملة الانتخابية، بصرف النظر عن مدى بعدها أو قربها من الواقع. ولا خجل من تبجح مرشحين عاديين بامتلاك مواهب كونية وقدرات خارقة على تحقيق وعود لا تزال بلا تحقيق منذ الاستقلال.

ومن السهل تدبيج برامج ومشاريع على الورق. فالخبراء جاهزون للخدمة. والبلد لا يزال في حاجة الى تحسين البنية التحتية في الماء والكهرباء والنفايات والاتصالات والطرق وسواها، بعد أكثر من ربع قرن على توقف الحرب، وعلى الرغم من وصول الدين العام الى ثمانين مليار دولار، ٣٦ مليارا منها على عجز الكهرباء، حسب التقرير الذي تلاه الرئيس ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. ولا يزال يتعثر في اجراء اصلاحات مطلوبة منه لتطمين المستثمرين الذين يعرض عليهم ٢٥٠ مشروعا للاستثمار في مؤتمر سيدر. ولا يزال يحلم بالهبات، وسط تذكيره بأن المؤتمر يركّز على الشراكة مع القطاع الخاص والاستثمار من خلال صندوق ائتماني بادارة البنك الدولي لضمان الشفافية.
لكن معركة الانتخابات تدور وتدار في مناخ حسابات الصراع على السلطة أكثر منها في مناخ التنافس على ما يجب ان تحققه السلطة من مشاريع بعيدا من المحاصصة والسمسرات والصفقات. فما لا يزال سؤالا حائرا هو: الى أي حدّ يصدّق الناخبون شعارات الحملة ويصدّقها أصحاب الشعارات أنفسهم؟ وما يبدو واضحا ان أقوى سلاحين في المعركة هما المال والعصبيات. المال الذي يتنافس أركان اللائحة الواحدة على دفعه، كل لمصلحته، من أجل الحصول على أعلى نسبة في الصوت التفضيلي. والعصبيات الطائفية والمذهبية التي صارت أو كانت أساس السياسة في لبنان كبديل من الأساس الثابت في الأنظمة الديمقراطية، وهو المصالح المغطاة بشيء من القيم والمثل.
ذات يوم قال مارك توين: لدينا أفضل حكومة يمكن أن يشتريها المال. ونحن في خوف من اننا نتجه الى يوم نقول فيه: لدينا أسوأ برلمان وحكومة من صنع المال والعصبيات.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: