آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

مراوحة في سيناريو النازحين السوريين - روزانا بو منصف (النهار)

الخميس 22 آذار 2018

 مع أن لبنان منشغل في انتخاباته المرتقبة في أيار المقبل، فإن التطورات المتلاحقة في سوريا، وخصوصا في الغوطة الشرقية وعفرين في الشهرين الاخيرين، الى جانب ما يجري في مناطق سورية اخرى، من شأنها ان تحبط طموحات لبنان الرسمي او بعض مسؤوليه في الدفع قدما بما يطالبون به لجهة عودة السوريين الى بلادهم بأسرع وقت، او تنظيم هذه العودة على خلفية عدم قدرة لبنان على تحمل المزيد من الاعباء. والواقع أن ما يجري في سوريا، وفق ما صرح المنسق الدولي ستيفان دو ميستورا قبل يومين، يدفع على نحو مباشر الى تقسيم واقعي لسوريا واقتسامها بين القوى الدولية والاقليمية المتنازعة هناك، من دون ان تترك مجالا كبيرا لما يطالب به لبنان بتأمين عودة النازحين الى بلادهم. ومع ان الدول المؤثرة تأخذ في الاعتبار ما يقوله لبنان على هذا الصعيد، فإن مصادر مطلعة تجزم بأن لا عودة قريبة محتملة للنازحين، بدليل المؤشرات التي يرسلها الميدان السوري، وإن يكن هناك مناطق اعادتها روسيا الى سيطرة النظام، فإن ذلك لا يعني عمليا ان ذلك يفتح الباب امام اعادة النازحين. وتاليا، يبقى لبنان يطالب، مع معرفته بأن مطالبه لا تلقى صدى ايجابيا. لكن برز ايضا انه لم يقدم بعد سبع سنوات من الازمة السورية اقتراحات عملية او سياسة عامة متفقا عليها بين جميع الافرقاء، مختلفة لا لجهة الاحصاءات في شأن النازحين او توزعهم، ولا في شأن تنظيم وجودهم ورؤيته لأعدادهم، غير التصريحات العلنية والتي هي سياسية الطابع وللاستهلاك الشعبي او الانتخابي.

 

ينقل مطلعون من عاصمة مؤثرة ان ليس هناك شيء يتعلق بالدعوة الى استيعاب النازحين من جانب لبنان، أقله وفق ما كان اعلنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب في نيويورك في ايلول الماضي عن اعادة التوطين. اذ ان الولايات المتحدة والغرب عموما يدركون ان لا مجال لاستيعاب النازحين في لبنان في ظل ادراكهم ايضا ضرورة عودة هؤلاء. ويقول هؤلاء المطلعون ان المعلومات المتوافرة في موضوع النازحين السوريين تفيد أنه في الوقت الذي تتناقض رؤية كل من الولايات المتحدة وروسيا للوضع الامني والعسكري والسياسي في سوريا الى درجة كبيرة، فإن ثمة إصرارا على ان تبقى عودة النازحين من ضمن اهداف او اولويات كل من مؤتمري استانا وجنيف، على رغم ان النظام السوري الذي أنقذه قيصر روسيا عطل حتى الان الذهاب الى لجنة يريدها الروس من اجل اعداد الدستور الجديد في سوريا. ومع ان روسيا غطت استعادة النظام للغوطة الشرقية وحمته في مجلس الامن في موضوعي استخدام الاسلحة الكيميائية وفي منع تنفيذ القرار 2401 الذي صدر عن مجلس الامن الدولي وطالب بهدنة شهر في الغوطة، فإن معلومات المصادر نفسها تفيد بأن روسيا فشلت حتى الان في طرح موضوع عودة النازحين السوريين الى بعض مناطق سيطرة الاسد، علما ان صدقية روسيا قد تكون اهتزت ليس نتيجة دعم الاسد، بل لإرسائها مناطق تصعيد اظهرت فشلها في حمايتها مع كل من ايران وروسيا. ولعل الذريعة لفشل الروس في الاهتمام بموضوع النازحين، تبرز من زاوية ان تدخل ايران مع بشار الاسد، هو الذي يرفض عودة النازحين، لان ايران لا تميل، كما الاسد، الى عودة كثيفة للسوريين من الطائفة السنية، فيما يبدو واضحا ان ما حصل ويحصل في مناطق سورية عدة هو فرز سكاني وتغيير ديموغرافي لا يمكن اخفاؤه.

 

وتاليا، فإن لبنان لا يفتقد الاحقية في مطلبه بضرورة اعادة النازحين، لكنه يفتقد تنظيم نفسه واعداد استراتيجية واضحة على هذا الصعيد، خصوصا ان هناك من يتطلع الى كل من مؤتمري “سيدر” و”بروكسيل” في 25 نيسان المقبل، والمخصص لموضوع سوريا والنازحين وكيفية دعم الدول المضيفة وشرح لبنان تأثير النازحين على بنيته التحتية ومجالاته الحيوية والاقتصادية من أجل توظيفها في حصد الدعم، وما هي مطالبه غير دعم الدول المضيفة. كما انه يفتقد في الوقت نفسه اي سيناريو يراه مناسبا لعودة تدريجية ووفقا لاي نظم ومن اي مخيمات او مناطق، وما هي الحوافز، علما ان لبنان يتخبط منذ زمن بين رأي كان يطالب قبل اعلان الرئيس سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي بالحوار مع النظام السوري من اجل ذلك، وقد سقط هذا الرأي بعد العودة عن الاستقالة ولم يعد مطروحا على الطاولة، اقله قبل الانتخابات، من دون استبعاد ذلك في الحكومة الجديدة، وبين من يصر على مطالبة الدول الخارجية بتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد، علما ان هناك تناقضا او تضاربا بين التوجهين. ولا بد من الاقرار بأنه بعد التخلص من اي اثر لـ”داعش” يخشى ان يكون لبنان فقد امكان توظيف هذه الورقة سياسيا من خلال المخاوف التي كانت تساوره ازاء احتمال تحول مخيمات النازحين الى معسكرات للتكفيريين او للارهاب، باعتبار ان المخيمات غدت اقله بالنسبة الى الزوار الدوليين لها تعبر عن احوال انسانية صعبة ومأساوية لكنها مضبوطة تحت سقوف لم تعد تثير الخشية كما في الاعوام القليلة الماضية. وهذا الواقع يدركه لبنان جيدا وقد تبلغه من العواصم المؤثرة لكنه لا يمكن ان يستكين لواقع مقلق موجود دائما امامه علما ان بعض التناقضات يفترض ان تحرجه بين موجات تفاؤلية تبني على الاستعداد للمشاركة في اعادة اعمار سوريا وبين واقع ميداني يدحض انتهاء الحرب في سوريا وفق ما يتسرع البعض في الترويج وتاليا ضرورة عودة النازحين.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: