آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

هل “يبلع” الغرب تحذيراته مرة أخرى؟ - روزانا بو منصف (النهار)

الثلاثاء 10 نيسان 2018

 غدت الدول الغربية، ولا سيما منها الولايات المتحدة وفرنسا، أمام تحد كبير مع الاتهام الجديد للنظام السوري باستخدام السلاح الكيميائي في دوما، بعد سنة تقريبا على استخدامها في خان شيخون. وهذا التحدي ينطلق من واقع تأكيد هذه الدول أنها لن تسكت عن أي اعتداء جديد يقوم به نظام الاسد عبر استخدام الاسلحة الكيميائية. وفي اعتقادها ان التحذيرات من ردود فعل قوية من جانبها يفترض ان تردع النظام عن اللجوء الى ذلك مجددا. ولكن يتبين ان ذلك لم يشكل رادعا، على خلفية اطمئنانه الى دعم روسيا التي تتولى في كل مرة نفي ضلوع النظام في مثل هذه العمليات أو إلقاء المسؤولية او الشبهة على فصائل معارضة حين يبدو مستحيلا او صعبا دحض العدد الكبير من الضحايا التي يثبت انها سقطت بعد الاعتداء بغاز السارين مثلا. وكانت فرنسا تقدمت خطوة على طريق التحذير من انها قد تقدم على عمل ما اذا لجأ النظام مجددا الى استخدام السلاح الكيميائي، في الوقت الذي اعاد الرئيس الاميركي دونالد ترامب توجيه أصابع الاتهام الى سلفه باراك اوباما، وهو الذي خرج معبرا عن نقيض له بتوجيه صواريخ توماهوك العام الماضي ضد مطار سوري قيل ان الطائرات انطلقت منه لقصف السكان بالاسلحة الكيميائية. وتبعا لذلك فإن اجتماعا لمجلس الامن لن يكون بامكانه التوصل الى اي قرار نتيجة الفيتو الروسي المحتمل فيما اكثرت موسكو من تصريحات مسؤوليها في نفي ان يكون النظام استخدم الاسلحة الكيميائية من خلال إعلان مركز المصالحة الروسي ان “أطباء دوما ينفون وصول حالات تسمم كيميائي” واعلان وزير خارجيتها سيرغي لافروف من جهة ثانية “ان لدى روسيا التزامات تجاه دمشق في حال حدوث ضربة اميركية”، تماما على غرار ما قيل قبل شهر تقريبا حين جرى الحديث عن ضربة اميركية إثر معلومات عن استخدام جديد من النظام للاسلحة الكيميائية، وصولا بالتدريج الى اعلان الكرملين انه سبق “لمسؤولين روس ان حذروا من تحضير المعارضة السورية المسلحة لهجمات استفزازية بالاسلحة الكيميائية” وكأنما يفيد ذلك باستدراك حصول الاعتداء من خلال توجيه اصابع الاتهام الى المعارضة. وهو سقف ترفعه روسيا بعدما باتت تخوض جميع المعارك الديبلوماسية بالنيابة عن النظام ومنعا لأي تجاوز لنفوذها في سوريا، ولإدراكها سهولة تسجيل نقاط في خانة رئيسها فلاديمير بوتين، خصوصا أنها تعي أن الولايات المتحدة لن تنخرط في أي عمليات إضافية في سوريا، بل إن الرئيس الاميركي أعلن قبل عشرة ايام نيته سحب القوات الاميركية من سوريا قريبا وترك الامور فيها لمن يهمه الامر. لكن التغريدات التي صدرت عن ترامب نهاية الاسبوع وإدانته ما حصل في دوما وقوله إن النظام السوري وإيران سيدفعان الثمن، إنما يثير تساؤلات عمن سيجعلهما يدفع الثمن وكيف.

 



وما حصل ليل الاحد – الاثنين والقول إن الصواريخ وجهتها طائرات اسرائيلية ضد مطار تيفور منعا لوصول امدادات لـ”حزب الله”، ترافق مع نفي اميركي وفرنسي وبريطاني ايضاً لاي عمليات عسكرية قامت بها القوات العسكرية لاي منها ضد النظام، في ظل التساؤلات الفورية عن ردود فعل محتملة عن مجزرة النظام في دوما في ضوء التعهدات الاميركية والفرنسية السابقة بالرد. تخشى المصادر المعنية ان صدقية الدول الغربية باتت على المحك، بين تأكيداتها من جهة حصول اعتداء بالاسلحة الكيميائية، وتهديداتها بالرد حكما في حال حصول ذلك، في الوقت الذي تظهر عجزها اكثر فاكثر ازاء تعطيل روسيا صدور اي قرار او تجويفه من مضمونه كما حصل بالنسبة الى القرار 2401 الذي طالب بهدنة 30 يوما في الغوطة الشرقية حيث ادارت روسيا العملية العسكرية التي كان يتردد ان قوات النظام كانت تنفذها. وازاء التراجعات المخيفة للدول الغربية في ملف سوريا منذ بداية الحرب- ولعل ذلك من الاسباب الرئيسية لاستهانة النظام باي تحذيرات او خطوط حمر يرسمها القادة الغربيون واستمراره في القيام بما يقوم به منذ انطلاق الحرب- فإنه قد يسقط مجددا في يد هذه الدول او قد تعتبر ان اسرائيل ربما فوتت عليها ولمصلحتها الخاصة القيام باي خطوة مماثلة اي توجيه ضربة لقواعد لدى النظام. او انها اختصرت ما يمكن ان تقوم به هذه الدول علما كما تؤكد المصادر ان لا قيمة لاي ضربة في مقابل التنازل الذي جرى لبقاء الاسد في موقعه او التسليم بذلك ولو موقتا. فهذه المصادر تفترض ان هذه الدول التي وصفت الاسد بنعوت كبيرة كما قال الرئيس الاميركي او اعتبرته مجرم حرب كما وصفه مسؤولون دوليون تمسك باوراق يتعين عليها استخدامها ان في شأن الاقرار ببقاء الاسد وعدم مناقشة هذا الاحتمال او في شأن اتخاذ خطوات جدية من اجل البدء بمحاسبته اذا سلمت جدلا بانه يستخدم الاسلحة الكيميائية مرة بعد أخرى غير المجازر التي ارتكبها تحت شعار استعادة سوريا التي وزع النفوذ فيها على دول ومجموعات متعددة. وخلاف ذلك، فإن الدول الغربية تثبت يوما بعد آخر ان لا قدرة لديها على تنفيذ تهديداتها فيما هي مضطرة الى مراعاة روسيا على قاعدة مسؤوليتها عن النظام السوري وعن الوضع في سوريا، لكن من دون القدرة على حملها على التجاوب مع اي مطلب للدول الغربية خصوصا انها استمدت قوة من قمة انقره اخيرا مع تركيا وايران بحيث تضع مرة بعد مرة حجرا اضافيا على قبر مؤتمر جنيف.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: