آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

معركة ممثلي الطوائف في مجلس فيديرالي - رفيق خوري(الأنوار)

الأربعاء 4 تموز 2018

 في البدء كان الغلط المقصود والمحسوب: الانطلاق في تأليف الحكومة من محاكاة تجربة فاشلة هي الحكومات الثلاثينية، والتصرّف كأنها صارت قدر لبنان والمقياس الوحيد للحكومات. وهذا المقياس الأعوج الذي فرضه التحايل على جوهر اتفاق الطائف واعتبار الحكومة غنيمة حرب يجب توزيعها على الأمراء وأنصارهم والأقارب كما على وكلاء السلطة الحقيقية، أدى الى معيار خاطئ في التأليف: وزير لكل أربعة نواب، كأن اللعبة السياسية الديمقراطية مجرد عملية حسابية تنجح أوتوماتيكيا. والمعيار الخاطئ جعل الكلام العادل بالمنطق الشكلي على وحدة المعايير نوعا من اسم مستعار لتوزير حلفاء هذا الحزب أو ذاك خصوم هذا الزعيم أو ذاك من حصص الآخرين.
ولسنا، في أية حال، على الطريق الى حكومة، ولو جرى التأليف غدا. فما تدور حوله المعارك التي تؤخر التأليف، سواء بالنسبة الى العقد التي لا فرصة لظهورها في حكومة أصغر أو بالنسبة الى العقد الآتية من الجوع الى المال والسلطة والأخرى الآتية من حسابات بعيدة المدى، هو أبعد ما يكون من تأليف حكومة في نظام ديمقراطي برلماني. وما سنصل اليه في وقت ما هو مجلس فيديرالي ترسل اليه كل طائفة ممثليها في معزل عن مواقف الطوائف الأخرى، ويختار أمير كل طائفة ومذهب ممثليه من دون تدخل الآخرين. وكل ذلك في غياب البحث عن اتفاق على برنامج حكومي للرد على التحديات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية الملحة.

 

والواقع ناطق. الثنائية الشيعية هي عمليا أحادية حصرية في التمثيل. لكن حزب الله يعترض على حصرية التمثيل السنّي التي يصرّ عليها تيار المستقبل وحصرية التمثيل الدرزي التي يتمسك بها الحزب التقدمي الاشتراكي، ويطالب بتمثيل حلفائه السنّة والدروز لتكريس التعددية خارج الاطار الشيعي. ولا تعددية فعلية إلاّ في المكوّن المسيحي، بحيث رأينا محاولات وظهرت رغبات في تقليصها والحدّ منها في اتجاه ما يشبه الحصرية. والاتجاه الصحيح هو العكس تماما.
ذلك ان من المستحيل قيام دولة حقيقية في نظام تعددي ان لم تكن التعددية حقيقية داخل كل طائفة ومذهب. من الشيعة الى السنّة والدروز والمسيحيين بالطبع. ولا دولة ان لم تكن دولة مدنية هي عقد اجتماعي جديد بين مواطنين لا بين طوائف. والمأساة ان لبنان يمشي الى الوراء وفي طريق انحداري. ولا مرة كانت الطائفية عميقة وبارزة كما هي اليوم. ومتى؟ بعد ٧٥ سنة من انتظار الساعة المباركة التي نصّ عليها بيان الحكومة الاستقلالية الأولى، وهي ساعة تجاوز الطائفية والطائفية السياسية الى المواطنة.


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: