مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط»:
انتفت اليوم مبررات المطالبة بالثلث المعطل
الثلاثاء 9 حزيران 2009
أبدت فرنسا وعلى أعلى المستويات ترحيبها بالانتخابات النيابية في لبنان وبالظروف المرضية التي تمت فيها والتي رأت فيها «تعزيزا للديمقراطية» معربة عن استمرار دعمها للبنان ولمؤسساته ولتعزيز سلطة الدولة والجيش اللبناني ورفض مبدأ الإفلات من العقاب واستمرار عمل المحكمة ذات الطابع الدولي.
وبادر الرئيس نيكولا ساركوزي إلى الاتصال بالرئيس ميشال سليمان، فيما أصدرت الخارجية الفرنسية بيانا مفصلا يتضمن موقف فرنسا الرسمي وتصورها للمرحلة الجديدة.
وفي قراءة لنتائج الانتخابات وتفاعلاتها اللاحقة، قالت مصادر رسمية رفيعة المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن باريس «ستتولى الاتصال بالجهات الإقليمية المؤثرة» على الوضع في لبنان وعلى مواقف الأطراف «من أجل حثها على الاعتدال وتقبل النتائج كما هي والتعاطي معها بإيجابية وتسهيل مهمة تشكيل حكومة جديدة».
ورأت هذه المصادر أن «لا شيء يمكن أن يبرر المطالبة بالثلث المعطل» للفريق الذي خسر الانتخابات باعتبار أن موضوع الثلث المعطل «طرح في ظروف خاصة وفي وقت كان فيه الانقسام الداخلي في أوجه، ما برر وقتها الإصرار عليه لضم الجميع إلى الحكومة».
وقالت المصادر الفرنسية إن إجراء الانتخابات في أجواء هادئة ومن غير أحداث أمنية «خبر جيد، لأنه يعني أن اللبنانيين قادرون على إدارة أمورهم بأنفسهم واحترام قواعد اللعبة الديمقراطية».
أما في تفسير مضمون النتائج، فقد رأت المصادر الفرنسية أنها تعكس أمرين متصلين: الأول، فشل استراتيجية العماد ميشال عون السياسية والانتخابية وفشل تحالفه مع حزب الله للتحكم بالسلطة، والثاني رفض «المشروع المجتمعي» الذي يروج له حزب الله والذي رأت أكثرية اللبنانيين أنه لا يتلاءم مع قيمهم ورؤيتهم للمجتمع والسياسة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزير خارجية إيران منوشهر متقي قال للمسؤولين الفرنسيين الأربعاء الماضي عقب اجتماعه بالرئيس ساركوزي في قصر الإليزيه إن حزب الله «سيربح الانتخابات» وأن «مجمل الوضع سيتغير» وأنه بالتالي يتعين على فرنسا «ألا تراهن على الحصان الخاسر».
بالمقابل اعتبرت المصادر الفرنسية أن السلطات السورية «لعبت اللعبة وفهمت أن مصلحة سورية تكمن في أن ترك لبنان يعيش حياته السياسية كما يريدها» مضيفة أن مسار الأحداث يثبت باريس في قناعتها أن السياسة التي اختارتها في لبنان وإزاء سورية كانت السياسة الصائبة. وشددت باريس على أن ما حصل في لبنان «لم يكن أحد يتوقعه قبل ستة أو خمسة أشهر». وكانت باريس دأبت منذ أسابيع على تأكيد «ثقتها» بالعملية الانتخابية واعتبار أنه في الثامن من يونيو (حزيران) «لن تنقلب الأمور رأسا على عقب» في لبنان.
وذهبت باريس إلى حد تأكيد استعدادها للتعاون مع أية حكومة تفرزها «انتخابات ديمقراطية، نزيهة وشفافة». وعلم أن اختلافا في وجهات النظر برز بين باريس وواشنطن لجهة التعاطي مع حكومة قد تنجم عن فوز المعارضة وحزب الله في الانتخابات. وجاء في البيان الصادر عن قصر الإليزيه أمس عقب الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس ساركوزي بالرئيس سليمان، أن ساركوزي «هنأ» نظيره اللبناني على حسن سير الانتخابات وأثنى على «العمل المتميز للسلطات اللبنانية» وعلى «الحس بالمسؤولية» الذي أظهرته التشكيلات السياسية والشعب اللبناني، وهو ما أتاح الفرصة لحصول الانتخابات في «ظروف مرضية». وجاء في البيان الرئاسي أن هذه الانتخابات «تقوي» الديمقراطية اللبنانية، وأن فرنسا «صديقة كل اللبنانيين» تتمنى استمرار مناخ الحوار «لمصلحة استقرار ووحدة لبنان بكامله».
وأكد الرئيس الفرنسي أن بلاده «الوفية لمبادئها ستبقى إلى جانبه وإلى جانب الحكومة اللبنانية وستدعم جهودهما من أجل تعزيز وحدة لبنان واستقلاله وسيادته وسلامة أراضيه واستقراره». بموازاة ذلك، صدر عن الخارجية الفرنسية بيان مشابه للبيان الرئاسي، لكنه يتضمن بعض الإضافات، ومنها أن فرنسا «تثق بالرئيس سليمان» الذي وصفته بأنه «حامي المؤسسات وضمانة استقرار لبنان» معبرة عن رغبتها في أن يتم «في أسرع وقت» تشكيل حكومة جديدة «تستجيب لتطلعات اللبنانيين وتقود لبنان على درب الإصلاحات» التي يتوق إليها لبنان. ونوهت الخارجية الفرنسية بالرئيس فؤاد السنيورة وبالخدمات التي أسداها للبنانيين منذ عام 2005. وختم البيان مؤكدا على «دعم فرنسا الذي لا يلين» للبنان، خاصة في عملية تعزيز سلطة الدولة ومؤسساتها وتقوية الجيش وتنفيذ الإصلاحات الديمقراطية والتعاون مع المحكمة ذات الطابع الدولي.