حركة التجدد: الحرب الاهلية تطل برأسها من بوابة طرابلس
وتستدعي استدارة وطنية وسياسية جامعة لوقف النزيف
الثلاثاء 5 تشرين الثاني 2013
عقدت اللجنة التنفيذية لحركة التجدد الديموقراطي جلستها الاسبوعية برئاسة كميل زيادة وحضور الاعضاء، وأصدرت اثرها البيان الآتي:
إنّ المشهد الطرابلسي الدامي المتكرر منذ أشهر، وتسمية هذه اليوميات الدامية ب"الجولات" والتي بلغت سبع عشرة جولة لغاية تاريخه، يعيدان إلى أذهان اللبنانيّين أبشع صور الحرب الأهليّة التي خبرناها جميعاً والتي كانت تؤرّخ بالجولات والتي ما زلنا رازحين تحت تداعياتها النفسية والأخلاقية والأقتصادية والسياسية منذ بوسطة عين الرمانة حتى اليوم.
ان مشهد السيارات المفخّخة وجثث الضحايا وأشلاء المصلين المتناثرة في باحات المساجد، والمحلّات التجاريّة المقفلة والمحطّمة، والشوارع المقفلة، والمواطنين المهرولين في الزواريب، والمدارس التي تفتح نصف أبوابها وحركة النزوح والتهجير داخل المدينة وخارجها، والإستعراضات المسلّحة في الشوارع وعلى الشاشات، والذي أضيفت إليه جريمة الإعتداء على باص للركاب متوجّه من بيروت إلى جبل محسن وإطلاق النار بدم بارد على العزّل الساعين وراء رزقهم، هذا كله بات يستدعي ردة فعل وطنية ومعالجات جذرية ابعد بكثير من اشهار الافلاس السياسي للمسؤولين ومعظم الطبقة السياسية او الإعلان مع كل جولة عن انتشار للجيش وخطط أمنية وهدنة يتمّ خرقها على مدار الدقائق والساعات.
فهل تحتمل طرابلس عاصمة الشمال وثاني أكبر المدن اللبنانية و" أم الفقير" كما يعرفها أهل الشمال ان تكون صندوق بريد دام توجّه من خلاله الرسائل المحلية والإقليمية والدوليّة؟ وهل تحتمل ربط مصيرها بما يجري في سوريا و واشنطن وروسيا وطهران والرياض وجنيف؟
ولعلّ ابشع ما في هذا المشهد الدموي، عدا عن الشلل الأقتصادي والتربوي الذي يطاول الشمال بأكمله، هو انكشاف عجز الدولة وتردّد المسؤولين في الحسم لاسيما أنها تملك من الوقائع والأسماء والوجوه والأهداف ما يكفي لمعالجة هذه الأوضاع جذريّاً والقضاء على الفتنة وعدم تكريس خطوط تماس ثابتة بين أبناء المدينة الواحدة.
وما التفجيرات المتنقّلة في كافّة المناطق اللبنانيّة وحوادث القتل والخطف والسطو المسلّح إلّا أنعكاس لهذا العجز والتردّد، حتى بتنا نشهد بدايات أضمحلال مفهوم الدولة من خلال التعوّد على ما يجري في طرابلس وكأنّه جزء من اليوميات اللبنانيّة العاديّة، أضف إلى ذلك أدبيات الرثاء والإستنكار التي لم تعد تجدي نفعاً. طرابلس هي رهينة قرار اقليمي ومسؤولية الدولة اعادتها الى رحاب الحرية.
ألا تستدعي الخشية من الحرب الأهليّة التي تطل برأسها من بوابة طرابلس استدارة وطنية وسياسية جامعة لوقف هذا النّزيف؟ ألا تستدعي محنة طرابلس الإسراع في تشكيل حكومة توحي بالثقة بوجود سلطة قادرة على الحسم؟ الا تستدعي انتشارا فعليا ونهائيا ودائما للجيش في عمق المناطق التي تأوي المسلحين وعدم الاكتفاء بالتهدئة المؤقتة ثم الانسحاب بذريعة الحاجة الى وحدات الجيش في مناطق أخرى؟ الا تستدعي ربما الاستعانة ببعض الاحتياط او تطويع عناصر جديدة لسد هذه الحاجة الماسة؟ الا تستدعي تحركا جديا من القضاء للقيام بواجباته في ملاحقة الفاعلين، وهو ما بدأنا بتلمس بعض الجدية فيه من خلال مذكرات التوقيف والاستدعاء الصادرة مؤخرا في حق بعض المشتبه بهم والمتورطين؟ الا تستدعي محنة طرابلس خطة طوارئ اقتصادية-اجتماعية اغدق الكثير من الكلام حولها ولم يصرف منها الا الفتات، وذلك لامتصاص الفقر المدقع والبطالة المتفشية في المدينة والشمال عموما؟