ممثل الامين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي ل"النهار": قلق من تقدم "داعش" في لبنان والمنطقة.
الأربعاء 16 تموز 2014
غالباً ما يطول الحديث مع ديريك بلامبلي. فممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان كثير الحركة وقليل الكلام. وفيما ينوء لبنان تحت اعباء ملفات عدة، في مقدمها فراغه الرئاسي، يبدو بلامبلي "حلقة الوصل" بين اطراف عدة.
منسق انشطة الامم المتحدة العائد من نيويورك بعد تقديمه مطالعة امام مجلس الامن الدولي عن القرار 1701، تحدث في لقاء مع "النهار" في اليرزة عن مواضيع ساخنة. فشرح تداعيات قرار مجلس الامن 2139 على لبنان، مبلورا موقف المنظمة الدولية من التطورات الامنية جنوبا. وتطرق الى القلق من تنامي الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، مركزا على رسالة دولية واضحة، فحواها "اهمية ملء الشغور في الرئاسة من دون تأخير". وفي ما يأتي الحوار:
¶ ما هي الانعكاسات التي ستترتب على لبنان جراء تبني مجلس الامن القرار 2139، علما انه يمنح المنظمة الدولية تفويضا لتقديم المساعدات الانسانية للشعب السوري من دون موافقة النظام؟
- هناك اجماع في مجلس الامن على القرار، وهو مفيد للبنان والمنطقة. اما في لبنان، واذا طبق القرار، ونأمل ذلك، فسيعني ان الدعم الانساني سيؤمن في شكل اكثر فاعلية داخل سوريا، حيث الملايين من النازحين. وبذلك، يخفّض عدد اللاجئين من سوريا الى دول الجوار، كلبنان وتركيا والعراق والاردن. ومع مرور الوقت، يمكن ان يساعد ذلك في قدرة اللاجئين على العودة الى بلادهم.
¶ هل ستستخدمون نقاطا جديدة على الحدود اللبنانية - السورية لتأمين إدخال المساعدات؟
- هذا الجانب من القرار لا يعني لبنان بهذه الطريقة، بل يعني الامدادات من تركيا والدول المحاذية لسوريا حيث تسيطر عناصر المعارضة. الدعم الانساني يذهب من لبنان الى سوريا في شكل مستمر عبر "برنامج الغذاء العالمي" مثلا، وتحت سلطة الامم المتحدة وبالتعاون مع الجمارك. هناك أطنان من الغذاء والادوية ترسل الى سوريا عبر مرفأ بيروت والمصنع والعريضة.
¶ حذر المنسق الانساني روس ماونتن في مقابلة مع "رويترز" من خطر تفتت لبنان كدولة ألقي على عاتقها عبء 1٫1 مليون لاجئ سوري. ما هي خلفيات هذا التحذير؟
- أظهر لبنان صلابة كبيرة في الاعوام الثلاثة الاخيرة، الا انه يتحمل عبئا ثقيلا نتيجة الازمة على المستوى الامني والضغط على الحدود، وحضور اللاجئين. من الضروري ان يتولى المجتمع الدولي مساعدة لبنان وتقاسم العبء معه. فالوكالات الاممية، ولا سيما منها مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة لا تتلقى كل الدعم المالي الذي طلبناه بداية العام. واذا استمر هذا الوضع، فان التشنجات في المجتمعات الاكثر تأثيرا وعوزا يمكن ان تزيد. هذا ليس هو الوضع الآن، وما يقصده ماونتن هو لفت الانتباه الى المخاطر.
¶ ثمة مقاربات لبنانية عدة لمسألة التعامل مع اللاجئين من بناء مخيمات في الداخل السوري او على الحدود الى ترحيل قسم منهم الى سوريا.
- اقامة المخيمات تتطلب قرارا لبنانيا، ولا سيما من الحكومة. انشاء مخيمات على الحدود او خارج اطار السلطات الامنية يثير اسئلة حيال الحماية. لا اقتراح محدداً للحكومة اللبنانية حتى الآن.
¶ أثارت حوادث اطلاق الصواريخ من الجنوب مخاوف من اعادة فتح الجبهة مع اسرائيل.
- الوضع خطر. من المهم ان يتولى كل الافرقاء ضبط النفس. هذه رسالتي ورسالة "اليونيفيل" الى السلطات في الجانبين. تشكل هذه الاحداث مصدر قلق جدي، ولا سيما انه يتم اطلاق الصواريخ لليوم الرابع على التوالي. لحسن الحظ لم تسقط ضحايا، إلا ان خطر التصعيد يبقى حقيقيا ويجب ان يؤخذ بجدية.
¶ نوّه "حزب الله" بعملية "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) و"الجهاد الاسلامي" متحدثا عن تحقيق توازن رعب مع اسرائيل. هل يمكن ان يدخل الحزب على الخط؟
- اعتبر ان الجميع في الجانبين لديه مصلحة في الحفاظ على الهدوء الذي استمر ثمانية اعوام على "الخط الازرق". من المهم ان يتصرف الجميع بطريقة يتم من خلالها الحفاظ على الهدوء. واعتقد ان الجميع يشاركون هذا التوجه وهذه المصلحة.
¶ اعتبرت "اليونيفيل" ان هذه الاحداث تشكل خرقا جديا للقرار 1701. هل تؤكد هذا الموقف؟
- طبعا. اطلاق الصواريخ يمثل خرقا واضحا للقرار 1701. وهناك تحقيق جار.
¶ ماذا عن التنسيق بين "اليونيفيل" والقوى المسلحة اللبنانية؟
- زرت صباحا وزارة الدفاع، وهناك تنسيق جيد ووثيق مع الجيش. هذه احدى نقاط القوة منذ التدابير التي تم اتخاذها منذ تطبيق القرار عام 2006. يبدو الجيش اللبناني شريكا قويا ومهما لـ"اليونيفيل" في الجنوب وهذا مهمّ.
¶ طرحت تساؤلات عن مسؤولية "كتائب عز الدين القسام" في هذه الاحداث. هل ترتبط بـ"الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش)؟
- هناك تحقيق جار لا يمكن استباقه، لكنني أكرر اهمية الحفاظ على الهدوء في لبنان. لا عذر يبرر وضع لبنان في خطر.
¶ سمّت "داعش" أميراً لها في لبنان، مما تسبب بتشنجات بين المذاهب.
- قرأت المعطيات الاعلامية عن توقيف افراد ذوي صلات معينة. الحرارة ارتفعت والناس قلقون. الناس في المنطقة ككل قلقون من تقدم "داعش" في العراق. لكن ما لفتني ايضا هو نجاح السلطات الامنية اللبنانية في توقيف ارهابيين وعمليات ارهابية، وهذا عنصر قوة.
¶ ماذا عن المخيمات؟ ترددت معلومات عن جهاديين من عين الحلوة، كما تم العثور على قاعدة صواريخ قرب الرشيدية.
- تابعت تصريح الوزير نهاد المشنوق عن عين الحلوة. هناك جهود مكثفة لتحقيق استقرار في الوضع هناك. ولاحظت من خلال اتصالاتي السابقة بالقادة الفلسطينيين في المخيمات، انهم قلقون على غرار اللبنانيين، ويريدون تفادي الانخراط في النزاع الاقليمي عموما. اعتقد ان قرار تشكيل قوة من النخبة في عين الحلوة، والذي لاقى دعم الحكومة اللبنانية كان خطوة جيدة.
¶ ناشدت في التقرير 1701، "حزب الله" احترام النأي بالنفس.
- يشكل النأي بالنفس سياسة حكيمة للبنان رحّب بها كثر، ومنهم الحكومة التي تبنت هذه السياسة في بيانها الوزاري. نأمل أن يتم الامتثال بها. هذه هي رسالة مجلس الامن في بيانه الاخير في ايار.
¶ إلامَ أفضت مشاوراتك الخارجية عن الوضع الرئاسي اللبناني؟
- ما عدت به هو اهمية وحدة مجلس الامن والمجتمع الدولي في دعم الاستقرار في لبنان ووحدة اراضيه والامن. وتركزت المشاورات على استمرار مؤسسات الدولة ولا سيما الوضع الحالي واهمية ملء الشغور في الرئاسة من دون تأخير. الكل يرى الآثار السلبية على عمل الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة، وعلى رغم ان لدينا حكومة شاملة قادرة على تطبيق البرامج الامنية كما حصل في طرابلس، يجب البناء عليها للتأكد من ان كل مؤسسات الدولة، اي الرئاسة والبرلمان والحكومة قادرة على العمل.
¶ ألا يساعد التقارب الايراني - السعودي في التوصل الى تفاهم على رئيس؟
- الامم المتحدة تدعم الحوار والتفاهمات، الا انه لا يجدر بالللبنانيين ان ينتظروا ما سيحصل في الخارج. السفراء الممثلون للدول الاقليمية يقولون الامر نفسه.
¶ من المتوقع ان يمدد مجلس الامن للقوة الدولية في الجنوب الشهر المقبل. هل تتوقع تبديلا في مهمة انتدابها بما يسمح بانتشارها على الحدود؟
- الامر يتطلب تقديم طلب من الحكومة اللبنانية وإجماعا في مجلس الامن. عمليا لن يحصل ذلك. ما يمكن ان يحصل، وخصوصا بعدما استثمر المجتمع الدولي وقتا طويلا في مجموعة الدعم الدولية، هو مواصلة دعم الجيش. منذ تبنينا الخطة الخمسية، تحقق دعم متزايد من الولايات المتحدة، وعقد تفاهم بين لبنان وفرنسا والمملكة العربية السعودية، ودعم من المملكة المتحدة للجيش على الحدود، وهذا ما يمكن ان يحقق نقلة نوعية. جيش اقوى وقادر على الحدود يعني ان لبنان الدولة قادرة على ضبط حدودها.