حركة التجدد الديمقراطي استضافتهما في ندوة عن "الطائف" والإستقلال والتعددية
حرب دعا حزب الله للعودة إلى تقديم ولائه للبنان على تبعيته لولي الفقيه
لرفع الصوت عاليا ليدرك الحزب وحلفاؤه خطورة ما يقومون به
لم يعد الحزب يتصرف كحزب لبناني وأشهر الولاء لولاية الفقيه الإيرانية
وخرج عن الولاء والطاعة للدولة اللبنانية ولدستورها
الزين: أقوى ما لدينا التعددية بين الطوائف رغم أنها مهددة
الأربعاء 20 تشرين الثاني 2013
رأى النائب بطرس حرب أنه من الضروري رفع الصوت عاليا لنطلب من حزب الله وحلفائه ادراك خطورة ما يقومون به والمسؤوليات التاريخية المترتبة على استمرارهم بسياستهم الحالية، فيما اعتبر الصحافي جهاد الزين أن أقوى ما لدى اللبنانيين هو التعددية بين الطوائف رغم أنها مهددة جديا في المنطقة ورغم أنها منتكسة داخل كل طائفة. كلام حرب والزين جاء خلال ندوة أقامتها حركة التجدد الديموقراطي بعنوان " الطائف" والاستقلال وحماية التعددية، في مقر الحركة في سن الفيل، بمشاركة حرب والزين وادارة عضو اللجنة التنفيذية لحركة التجدد الدكتور حارث سليمان.
حضر الندوة النائبان دوري شمعون وهنري الحلو، الوزراء السابقون نايلة معوض، الشيخ ميشال الخوري ومحمد يوسف بيضون، والنواب السابقون صلاح الحركة، جواد بولس، صلاح حنين، رئيس حركة التجدد الديموقراطي كميل زيادة وأعضاء اللجنة التنفيذية، رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض، والسيدة عبلة نسيب لحود، وحشد من الشخصيات السياسية والفكرية والاقتصادية والاعلامية والاجتماعية.
بالنشيد الوطني اللبناني بدأت الندوة ثم دقيقة صمت عن أرواح شهداء انفجار بئر حسن وكل شهداء لبنان.
زيادة
رئيس حركة التجدد كميل زيادة رحّب بالمشاركين والحضور وأعلن أن الحركة قررت اعادة اطلاق برنامج السياسات العامة الذي ترعاه بندوة عنوانها "الطائف والاستقلال وحماية التعددية".
لماذا؟ لأن الازمة السياسية التي نعيشها تعطل المؤسسات الدستورية والممارسة الديموقراطية. ذلك بفعل سلطة الوصاية ونشوء مواقع نفوذ طوائفية واستفحال لغة القوة والاغتيال، فغاب مفهوم المصلحة الوطنية واستنفرت العصبيات والتطرف. وبدأنا نسمع بطموحات تعديل الصيغة اللبنانية الميثاقية.
ولفت الى أنه في ذكرى استقلال لبنان هذه السنة، تقفز الى الواجهة مجموعة من الأسئلة الحيوية إن لم نقل المصيرية:
- معنى الاستقلال والهوية الوطنية في ظل تجاوز الصراعات والاصطفافات والحروب الحدود الوطنية لدول المنطقة.
- قدرة وشروط الكيان اللبناني، المستقل والموحد على حماية الهوية الثقافية للمجموعات الدينية والاتنية المكونة للبنان في ظل استفحال تلك الصراعات. - هل ما زال اتفاق الطائف، كوعاء ميثاقي، صالحاً لحماية الاستقلال وإدارة التعددية معاً.
سليمان
من جهته قال سليمان:
يطرح عنوان الندوة اشكاليات عدة. فعن اي طائف نتحدث؟
هل هو طائف المسار والمسيرة نحو التسوية الذي انتج معارك، ام هو طائف النص الذي تم توقيعه فاصبح وثيقة ملزمة قانونا ودستورا ثم خضعت لنظريات التأويل، وسيادة نظام امني افرغ الحياة السياسية من محتواها وافسد الادارة وسلمها للميليشيات ومارس النهب المنظم لكل موارد الدولة، والحق لبنان بمحور السوري الايراني في السياسة الخارجية،أم هو طائف التطبيق برعاية سورية منفردة.
عمليا اتفاق الطائف وقعه زعماء التقليد السياسي في مجلس النواب، ليكتشفوا لاحقا ان ما اجازوه للراعي الاقليمي هو تشريع انطلاق عملية تغيير بنيوي في التمثيل السياسي في مختلف الطوائف.
أما الاستقلال فعن اي استقلال نتكلم هل هو استقلال 1943 ام استقلال 2005 الذي اخرج الوصاية السورية بعد خروج الاحتلال الاسرائيلي وهما خروجين غير مكتملين، ولتبدأ مرحلة ايرانية بامتياز.
على وقع هذه التطورات والتحديات يصبح السؤال ملحا عن معنى استقلال 2013. ويصبح اعلان بعبدا شرطا ضروريا للبحث بامكانية بقاء لبنان الذي نعرفه او تحوله لشيء لا يشبهه باي حال.
أما التعددية فتتجدد التساؤلات حولها في ظل قلق مجموعات في منطقة المشرق وتحديداً المسيحيون منهم، على المصير والهويات والحريات الدينية. وفي ظل انهيار الدولة اللبنانية مؤسسات ووظائف سيادية ودستورية، فاي تعددية مطلوبة اليوم هل هي تعددية الطائف الثنائية اي الاعتراف باقتسام السلطة بين المسلمين والمسيحيين، ام تعددية ثلاثية يجري التلميح اليها وتستجيب لتعاظم قوة حزب الله لبنانيا بحيث تصبح السلطة مثالثة سنية -شيعية –مسيحيية، أم تكون مذهبية.
حرب
ثم تحدث النائب بطرس حرب فتوجه بتحية احترام لذكرى نسيب لحود "الذي شكل ظاهرة استثنائية في الحياة السياسية اللبنانية"، وسرد تاريخ الدولة اللبنانية منذ نشأتها كموئل للحريات، وكملجأ للمضطهدين، وفي ظل دستور وقوانين تصون حرياتهم وخصائصهم، الى الحرب اللبنانية في سنة 1975والتي استمرت حتى اتفاق الطائف، الذي جاء ليوقف التدمير والاقتتال، ما جعله الوسيلة الضرورية الوحيدة لإخراج لبنان من دائرة العنف واستئناف الحياة الديمقراطية السياسية. وكيف جاءت تطورات المنطقة السياسية لتعاكس مسيرة أستعادة لبنان لسيادته وإستقلاله، فالعراق أحتلّ الكويت وتعرّض بذلك الأمن الدولي للخطر، فكانت الحاجة إلى تغطية العملية العسكرية، فكان لبنان الفدية التي دفعها العالم لسوريا لكي تغطي تلك الحرب. حيث التقت مصالح سوريا بمصالح ايران، فكان حزب الله الذي تولت إيران إنشاءه وتدريبه وتجهيزه وتذخيره وتمويله، ما سمح له السيطرة الفعلية على مجمل الطائفة الشيعية الكريمة، وبالتالي إظهارها كقوة سياسية كبيرة تدين بالولاء للنظام الإيراني على حساب الولاء للبنان.
وأضاف:
في النتيجة نشأ في لبنان منظومة سياسية وأمنية غريبة عن الهوية الثقافية الوطنية، ومناقضة لمفهوم الشعب الواحد المتعدد الانتماءات الدينية والاتنية التي قام عليها لبنان، ومناقضة للأسس التي قام عليها المجتمع اللبناني، ولا سيما مفهوم الدولة والشرعية والديمقراطية والمواطنية والمشاركة في تقرير مستقبل لبنان، ما حوّل لبنان، من دولة ديمقراطية ينظم مسارها دستور واحد وقوانين واحدة، إلى صورة لدولة ضعيفة فاقدة الهوية، تسودها شريعة الغاب، تحكمها مافيات من المتسلطين واللصوص على حساب الدستور والقانون ما أدى إلى تعطيل أحكام الدستور وشلّ الصلاحيات الممنوحة للمؤسسات الدستورية من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة رئيساً وأعضاء، وتبعاً لذلك، شلّ مجلس النواب وتعطيل السلطة القضائية، ناهيك عن المؤسسات العسكرية والأمنية والاقتصاد، وصولاً إلى حياة اللبنانيين وحرياتهم ولقمة عيشهم، ما أدى إلى تعطيل الدولة وإفقار اللبنانيين ودفع قسم كبير من اللبنانيين إلى الهجرة تفتيشاً عن فرصة حياة كريمة آمنة.
وفي المحصلة النهائية سقطت الحياة السياسية الديمقراطية في لبنان، وحلّ مكانها لغة القوة والتسلط والسلاح والقتل والتفرد والعزل والهيمنة. وبات تشكيل الحكومات في لبنان عملية مستحيلة، إذا لم يباركها حزب الله والقوى السياسية التابعة له، ولا سيما بعد أن قرروا تحويل السلاح، الذي يدعون أنهم يحملونه لمواجهة إعتداءات إسرائيل وتحرير أرض لبنان، إلى صدور اللبنانيين الآخرين لفرض رأيهم وسياستهم عليهم وللسيطرة على المؤسسات الدستورية.
وأصبحت المعادلة إما القبول بشروطنا أو لن نسمح بتشكيل حكومة. وإما القبول بنا في السلطة بشكل يسمح لنا تعطيل أي قرار لا نقبل به، أي مع منحنا حق الفيتو، أو سنمنع الدولة من القيام وسنعطّل كل المؤسسات. وإما السكوت على كل ما نقوم به، ولو كان يتعارض مع كل المواثيق الوطنية وعلى حساب لبنان، عبر التورط في الصراع الدائر في سوريا إلى جانب النظام في وجه شعبه، أو لن نسمح بقيام الدولة.
إن هذه الممارسة الجديدة، المناقضة لمبادئ تكوين لبنان، دفعت الكثيرين من اللبنانيين إلى التفكير في بدائل ووسائل تسمح لهم بالتحرر من هذه الهيمنة والتسلط، ما يفسّر عودة نغمة التسلح والفدرالية والتقسيم إلى الظهور ، ما يشكّل أرضية عرضة للإنفجار الأمني الكبير في لبنان.
فكيف تتمتع دولة لبنان بالاستقلال وهي دولة غائبة مستضعفة لا يدين قسم لا يستهان من أبنائها بالولاء لها. وماذا يتبقى من معنى للهوية الوطنية في ظل التجاوزات التي ترتكبها فئة كبيرة من اللبنانيين وفي ظل الاصطفافات المذهبية والإقليمية على حساب دولة لبنان.
وماذا يحمي أستقلال لبنان ويحصّنه، وهو الخارج من معركة الاستقلال الثانية من الوصاية السورية، مضرجاً بالدماء الذكية الغالية لكوكبة من قادتنا ورجال الفكر لدينا، يوم يقوم فريق من اللبنانيين بإيعاز إيراني وسوري بالمشاركة في حرب الآخرين المشتعلة في سوريا، ودون الرجوع إلى مؤسسات الدولة الدستورية صاحبة صلاحية القرار، ودون التشاور مع اللبنانيين الذين يتشاركون معهم المصير والحياة والقرار، متكلين في ذلك على تواطؤ بعض تجار السياسة والمناصب والمنافع، وعلى سكوتهم المغلّف بمواقف خجولة، تزعم أنها غير موافقة على تدخلهم في الحرب السورية دون أن تبادر إلى مساءلتها أو محاسبتها أو فك حلفها الاستراتيجي معها.
إنها أسئلة محرقة محرجة في ذكرى الاستقلال، أسئلة لا بدّ من طرحها، لا لإذكاء الخلاف أو لفض الشراكة الوطنية، لا سمح الله، بل لإيقاظ الضمائر لعلّهم يتقون الله ويرحمون الوطن.
نطرح هذه الأسئلة المقلقة لأننا قلقون على غد لبنان. لقد قام لبنان على تعاون أبنائه، على تسامحهم، على قبولهم ببعضهم البعض، بآرائهم المتعددة والمختلفة, بمشاريعهم وأحلامهم وعقائدهم الدينية والسياسية المتنوعة، لكنه قام على مبادئ أساسية لا يجوز التلاعب بها، وهي التصميم على الحياة المشتركة في دولة لبنان المدنية السيدة المستقلة، على أن يكون النظام السياسي الذي يكرّسه دستورهم ديمقراطياً برلمانياً، وعلى أن تكون القرارات الوطنية صنيعة الإرادة الوطنية التي تعبّر عنها المؤسسات الدستورية المنبثقة من إرادة الشعب، بحيث ليس من سلطة إلا سلطة الدولة التي تبسطها بواسطة أجهزتها الشرعية العسكرية والأمنية.
لقد قام لبنان بتفاهم أبنائه على قيام دولة ديمقراطية يتمثل فيها الجميع ويتشاركون ويتشاورون لإدارة البلاد، يوالون ويعارضون ضمن أطر وأصول الأنظمة الديمقراطية، ويخضعون جميعاً لأحكام الدستور والقانون، بحيث لا يعلو أحد منهم، أو أي فئة منهم، على هذا الدستور والقوانين. وكل تصرف مخالف لهذه المبادئ يضرب صيغة لبنان وميثاقه وحياة أبنائه المشتركة ووحدة دولته ومجتمعه.
ولا أشك لحظة أن الجميع يدركون ذلك، ولا سيما حزب الله وحلفائه. ومن هنا التساؤل حول سبب خروجهم على الميثاق والديمقراطية والانتماء، فإما أنهم خاضعون لإرادات خارجية تملي عليهم ما يخدم مصالحها، وهم غير قادرين على الرفض، ما يشكّل مصيبة كبيرة، وإما أنهم يعملون بإرادتهم وإقتناعاتهم على ضرب الميثاق الوطني والحياة المشتركة، وعلى إعادة بناء لبنان على أسس تختلف والقيم والمبادئ التي قام عليها، وهذه مصيبة أكبر.
إنهم، في ما يقومون به، يعلنون ولاءهم لدولة إيران لأسباب مذهبية ودينية، كما يعلنون رفضهم للبنان وصيغته ولدستوره ولمؤسساته، ومن هنا رفضهم لأي حكومة لا يملكون فيها الثلث المعطل، الذي يمنحهم حق الفيتو على أي قرار هام لا يوافقون عليه، بالإضافة إلى قرارهم باستعمال القوة في وجه إخوانهم اللبنانيين إذا استدعت الحاجة لمنعهم من ممارسة حقهم وحريتهم في إتخاذ أي قرار يؤثر على مصالحهم.
ولقد استباحوا في سبيل ذلك كل الوسائل، من التهديد إلى تعطيل العدالة، إلى اللجوء للعنف كما جرى في 7 أيار 2008، أو أمام السفارة الإيرانية لقمع تظاهرة إحتجاجاً على سياستهم.
إنه من الضروري أن نعلي الصوت لنطلب إلى قوى الأمر الواقع، إلى حزب الله وحلفائه، من المسلمين والمسيحيين، إدراك خطورة ما يقومون به والمسؤوليات التاريخية المترتبة على استمرارهم بسياستهم هذه. إنهم يدمرون لبنان ويضربون وحدة أبنائه، وأن السلاح، الذي يهولون به دوماً ويستعملونه في وجه اللبنانيين أحياناً سيؤدي حتماً إلى ضرب لبنان بقيمة وثقافته ورموزه وديمقراطيته وحرياته وكيانه واستقلاله.
بكل أسف، لم يعد حزب الله يتصرف كحزب لبناني، إن لجهة قراره، ولنا في تنفيذه التوجيهات الإيرانية في مساندة نظام بشار الأسد وإقحام كل اللبنانيين في الصراع الدائر في سوريا أكبر دليل، أو لجهة إشهاره الولاء والطاعة لولاية الفقيه الإيرانية، ما يعني خروجه عن الولاء والطاعة للدولة اللبنانية ولدستورها وقوانينها، كما وأنه، لم يعد مؤمناً بلبنان الأمة والوطن والدولة، بل تحول إيمانه بدولته المدنية الديمقراطية، التي تحترم خصائصه وخصائص كل مكوناتها، إلى إيمان بالأمة ذات القواعد الشرعية والدينية غير المدنية، وبالتالي غير الديمقراطية، التي أمة ترفض رأي الآخر وحقه في الوجود حراً آمناً خارج السجون، ما يتعارض كلياً مع كل المبادئ والأسس التي قام عليها لبنان، والتي جمعت شعبه المتعدد الانتماءات الفكرية والدينية والسياسية والاجتماعية.
ما جرى نتيجة تداخل أحداث المنطقة مع واقع لبنان خطير، إن الصراع تجاوز إطاره السياسي الديمقراطي بدخول العنف كأداة للتخاطب السياسي، وصولاً إلى الاغتيالات لأسباب سياسية، ما أدى إلى تعطيل قدرة النظام اللبناني على الحياة.
بالإضافة إلى أن وجود حزب ذي طابع مذهبي أدى إلى نشوء تيارات سياسية مناهضة، أعتمدت على الخارج أيضاً كمصدر تمويل وتدريب، ما حوّل لبنان، المستقل ضمن حدوده المعترف بها دولياً، إلى أرض سائبة لا حدود لها، وإلى دولة تابعة لإرادات خارجية تتصارع على أرضه تحقيقاً لمصالحها على حساب سيادة لبنان ومصلحة اللبنانيين.
السيــدات والســادة،
إنه لمن دواعي الأسف أن تحل ذكرى الاستقلال ولبنان يتخبط في هذه الحال. فما معنى الاستقلال والهوية الوطنية مع تسونامي الصراعات الدينية والمذهبية الذي أطاح بحدود معظم دول المنطقة، ولا سيما في ظل سقوط مفهوم الحدود اللبنانية السورية. فالجيش السوري النظامي يستبيح الحدود ويعتدي على السيادة اللبنانية بطيرانه وصواريخه وعسكره ومخابراته، يدخل الأراضي اللبنانية يطارد أخصامه يعتقلهم أو يقتلهم، وحزب الله، الممثل في الحكومة اللبنانية، يشارك رسمياً في المعارك الدائرة على الأرض السورية، وفريق لبناني آخر متطرف دينياً من سنّة لبنان تورط مقابلة في الصراع فأستباح أيضاً حدود سوريا ولبنان ، والدولة اللبنانية عاجزة عن ضبط حدودها، بل هي غير راغبة بذلك.
أنه من المقلق جداً أن نشهد إرتدادات هذه الأمور على لبنان كياناً ودولة، إذ كيف يمكن حماية الاستقلال إذا أنقسم شعب لبنان حول الهوية والولاء والسيادة والنظام والحياة المشتركة.
إن وحدة لبنان في خطر، إذ أن قسماً كبيراً جداً من الشعب اللبناني يرفض هيمنة حزب الله والسلاح على الحياة الوطنية وعلى الخيارات السياسية وعلى حريات المواطنين وعلى عمل المؤسسات الدستورية وعلى القضاء والعدالة والأمن والسلامة. لقد تحول السلاح إلى حمل ثقيل رابض على صدر لبنان، لأن حامليه لم يعودوا يحسبون لأحد حساباً، بحيث تملكهم الكبرياء والاستخفاف وفائض القوة غير الشرعية, وحوّلهم إلى متسلّطين على اللبنانيين الآخرين، حتى حلفائهم منهم.
لقد تحول الحزب المسلح إلى حزب طاغٍ، لا يقيم وزناً لأي اعتبار غير ما يقرره، ولا يحترم قواعد الحياة المشتركة مع اللبنانيين الآخرين، ولم يعد صدره يتسع لرأي مخالف لسياسته، ما جعل وجوده ودوره في لبنان شبيهاً بالأنظمة الشمولية الاستبدادية التي يثور العالم لاقتلاعها. إلا أن المشكلة تكمن في أن مواجهتنا له قد تتحول إلى صراع مذاهب بين أبناء الشعب الواحد، وليس إلى مواجهة شخص مستبد، ما يحوّل الصراع ضد التسلط صراعاً مذهبياً خطيراً يعرّض الكيان والدولة للانهيار.
من هنا التساؤل حول سبل الخروج من هذه الأزمة الوطنية الخطيرة والمعقدة، إنطلاقاً من أنه لا يجوز للبنانيين أن يرتكبوا مجدداً الخطيئة المميتة في اللجوء إلى العنف والسلاح لمواجهة الحال القائمة.
والوسيلة الأمثل تكمن في أن يدرك حزب الله، ومن وراءه، أن مسارهم الحالي سيؤدي إلى الكارثة الوطنية التي ستصيب كل مكونات الشعب بمن فيهم الحزب ومصالحه ومحازبيه، وأن يدركوا أنهم، بتصرفاتهم هذه، يدمّرون لبنان وتراثه ورسالته وأمنه وإقتصاده، ويقهرون شعبه، ويولّدون الأحقاد والضغائن والتعصب والتباعد. أن يدركوا أنهم يشجعون التطرف والموجات التكفيرية، التي لا تقيم وزناً لمفهوم الأوطان، والتي توازيه وتتفوق عليه عنفاً وتعصباً وحقداً وتسلطاً، وأن الظلم والقهر يشجع قسماً من المظلومين والرافضين إلى الإنضمام إلى التكفيريين، إما تعصباً، أو حماية للذات والوجود.
على الحزب أن يدرك أن لا قيامة للبنان بالقهر والاستئثار والتكبر، وإنه، للمحافظة على لبنان الواحد، عليه أن يتواضع وأن يعود إلى أجواء الإلفة والمحبة والوحدة، وأن يقدّم مصالح لبنان وكل مكوناته الاجتماعية على أي مصلحة أخرى، وأن يعود إلى تقديم ولائه للبنان على تبعيته لولي الفقيه. عليه أن يعمل معنا لإعادة بناء الثقة بين اللبنانيين، فلا يعود الأطراف يخشون غدر الآخرين لأنهم أخوة في الوطنية والحياة. فخيار حزب الله بين أن يستمر في تعاليه على كل اللبنانيين الآخرين، وعلى فرض ما يقرره على لبنان، ويعرّض لبنان وكيانه لخطر الإنفجار، وبين أن يعود إلى العائلة اللبنانية، يساهم في ترميم الدولة العادلة والقادرة على حمايته وحماية كل اللبنانيين.
غير أنه، وفي مواجهة هذا الانهيار، وفي حال استمر الحزب في سياسته الحالية، وهو المرجح، لا بدّ لنا من متابعة مواجهته، إذ أنه من غير الجائز الاستسلام، بل من الواجب العمل الجدّي ٌلإيجاد المخارج والحلول في إطار التعاون والحوار والتوعية، ولا سيما مع الأوساط الشيعية المثقفة الرافضة.
إلا أن الواقعية السياسية تفرض علينا الإقرار بصعوبة القدرة الداخلية لوحدها على التغيير، بعد أن حوّلت التطورات الحاصلة لبنان جزءاً من الصراعات، وأنه لا بدّ من السعي لدفع الأمور، دولياً وإقليمياً، باتجاه حماية لبنان كقيمة إنسانية من خلال تحييده عن الصراعات العربية والإقليمية باستثناء الصراع مع إسرائيل، وبشكل يسهّل عودة اللبنانيين إلى دولتهم وتوحيد توجههم لحماية الوطن والدولة، وصون الصيغة الميثاقية التي تمّ بناء لبنان على أساسها لأنها، بنظري، لا تزال تشكل الوعاء الميثاقي الوحيد الصالح لحماية الاستقلال والإدارة التعددية، مع إقتناعي أنه من المستحيل الحكم على إتفاق الطائف، وهو لم ينفذ مرة بصورة جدية، وأنه إذا تمّ إدخال بعض التعديلات عليه ، تعديلات لا تمس الأسس، بل تحسّن آلية عمل النظام وتعالج بعض ثغراته، يبقي الصيغة الفضلى لإدارة شؤون الدولة وحماية التعددية فيها.
واسمحوا لي في ختام مداخلتي هذه ، أن أعلن تأكيد تمسكي بالكيان اللبناني والدولة والشرعية والاستقلال، لأنني من المقتنعين أن التجارب المريرة التي تمر بها الشعوب تجذّر الانتماء وتقوّي الإيمان.
في المحصلة النهائية سقطت الحياة السياسية الديمقراطية في لبنان، وحلّ مكانها لغة القوة والتسلط والسلاح. وبات تشكيل الحكومات في لبنان عملية مستحيلة، إذا لم يباركها حزب الله. وأصبحت المعادلة إما القبول بشروطنا أو لن نسمح بتشكيل حكومة. وإما السكوت على كل ما نقوم به، ولو كان يتعارض مع كل المواثيق الوطنية وعلى حساب لبنان، عبر التورط في الصراع الدائر في سوريا إلى جانب النظام في وجه شعبه، أو لن نسمح بقيام الدولة. إن هذه الممارسة الجديدة، المناقضة لمبادئ تكوين لبنان، دفعت الكثيرين من اللبنانيين إلى التفكير في بدائل ووسائل تسمح لهم بالتحرر من هذه الهيمنة والتسلط.
وتساءل حرب ماذا يحمي أستقلال لبنان ويحصّنه، يوم يقوم فريق من اللبنانيين بإيعاز إيراني وسوري بالمشاركة في حرب الآخرين المشتعلة في سوريا، ودون الرجوع إلى مؤسسات الدولة الدستورية صاحبة صلاحية القرار، ودون التشاور مع اللبنانيين الذين يتشاركون معهم المصير والحياة والقرار، متكلين في ذلك على تواطؤ بعض تجار السياسة والمناصب والمنافع.
وشدّد حرب قائلا إنه من الضروري أن نعلي الصوت لنطلب إلى قوى الأمر الواقع، إلى حزب الله وحلفائه، من المسلمين والمسيحيين، إدراك خطورة ما يقومون به والمسؤوليات التاريخية المترتبة على استمرارهم بسياستهم هذه. إنهم يدمرون لبنان ويضربون وحدة أبنائه، وأن السلاح، الذي يهولون به دوماً ويستعملونه في وجه اللبنانيين أحياناً سيؤدي حتماً إلى ضرب لبنان بقيمة وثقافته ورموزه وديمقراطيته وحرياته وكيانه واستقلاله.
ولفت الى أنه من المقلق جداً أن نشهد إرتدادات هذه الأمور على لبنان كياناً ودولة، إذ كيف يمكن حماية الاستقلال إذا أنقسم شعب لبنان حول الهوية والولاء والسيادة والنظام والحياة المشتركة. مشيرا الى أن الحزب المسلح تحول الى حزب طاغٍ، لا يقيم وزناً لأي اعتبار غير ما يقرره، ولا يحترم قواعد الحياة المشتركة مع اللبنانيين الآخرين، ولم يعد صدره يتسع لرأي مخالف لسياسته.
للخروج من هذه المعضلة رأى حرب أن الوسيلة الأمثل تكمن في أن يدرك حزب الله، ومن وراءه، أن مسارهم الحالي سيؤدي إلى الكارثة الوطنية التي ستصيب كل مكونات الشعب بمن فيهم الحزب ومصالحه ومحازبيه، وأن يدركوا أنهم، بتصرفاتهم هذه، يدمّرون لبنان وتراثه ورسالته وأمنه وإقتصاده، ويقهرون شعبه، ويولّدون الأحقاد والضغائن والتعصب والتباعد. أن يدركوا أنهم يشجعون التطرف والموجات التكفيرية، التي لا تقيم وزناً لمفهوم الأوطان، والتي توازيه وتتفوق عليه عنفاً وتعصباً وحقداً وتسلطاً، وأن الظلم والقهر يشجع قسماً من المظلومين والرافضين إلى الإنضمام إلى التكفيريين، إما تعصباً، أو حماية للذات والوجود.
وشدّد أنه على الحزب أن يدرك أن لا قيامة للبنان بالقهر والاستئثار والتكبر، وإنه، للمحافظة على لبنان الواحد، عليه أن يتواضع وأن يعود إلى أجواء الإلفة والمحبة والوحدة، وأن يقدّم مصالح لبنان وكل مكوناته الاجتماعية على أي مصلحة أخرى، وأن يعود إلى تقديم ولائه للبنان على تبعيته لولي الفقيه. عليه أن يعمل معنا لإعادة بناء الثقة بين اللبنانيين، فلا يعود الأطراف يخشون غدر الآخرين لأنهم أخوة في الوطنية والحياة. فخيار حزب الله بين أن يستمر في تعاليه على كل اللبنانيين الآخرين، وعلى فرض ما يقرره على لبنان، ويعرّض لبنان وكيانه لخطر الإنفجار، وبين أن يعود إلى العائلة اللبنانية، يساهم في ترميم الدولة العادلة والقادرة على حمايته وحماية كل اللبنانيين.
غير أنه، وفي مواجهة هذا الانهيار، وفي حال استمر الحزب في سياسته الحالية، وهو المرجح، لا بدّ لنا من متابعة مواجهته، إذ أنه من غير الجائز الاستسلام، بل من الواجب العمل الجدّي ٌلإيجاد المخارج والحلول في إطار التعاون والحوار والتوعية، ولا سيما مع الأوساط الشيعية المثقفة الرافضة.
إلا أن الواقعية السياسية تفرض علينا الإقرار بصعوبة القدرة الداخلية لوحدها على التغيير، بعد أن حوّلت التطورات الحاصلة لبنان جزءاً من الصراعات، وأنه لا بدّ من السعي لدفع الأمور، دولياً وإقليمياً، باتجاه حماية لبنان كقيمة إنسانية من خلال تحييده عن الصراعات العربية والإقليمية باستثناء الصراع مع إسرائيل، وبشكل يسهّل عودة اللبنانيين إلى دولتهم وتوحيد توجههم لحماية الوطن والدولة، وصون الصيغة الميثاقية التي تمّ بناء لبنان على أساسها لأنها، بنظري، لا تزال تشكل الوعاء الميثاقي الوحيد الصالح لحماية الاستقلال والإدارة التعددية، مع إقتناعي أنه من المستحيل الحكم على إتفاق الطائف، وهو لم ينفذ مرة بصورة جدية، وأنه إذا تمّ إدخال بعض التعديلات عليه ، تعديلات لا تمس الأسس، بل تحسّن آلية عمل النظام وتعالج بعض ثغراته، يبقي الصيغة الفضلى لإدارة شؤون الدولة وحماية التعددية فيها.
الزين
ثم كانت كلمة الصحافي الاستاذ جهاد الزين فبدأها بطرح أسئلة سياسية عن معنى كلمة "استقلالي" في السياسة اللبنانية، وجوابه السريع هو أنه لا معنى لكلمة "استقلالي" اليوم في ما آلت اليه السياسة اللبنانية من تبعية غير مسبوقة للخارج، والسؤال الثاني هو عن معنى "اتفاق الطائف" اليوم؟ الذي هو قرار النظام الدولي بابقائنا دولة موحدة، لكن الطائف فاقم معضلة عدم قدرة اللبنانيين على حكم أنفسهم بأنفسهم. أما السؤال الثالث فهو عن معنى "تعددية" في لبنان اليوم؟ وأوضح هناك مستويان هو ما تعنيه من تعددية طوائف، والمستوى الثاني هو التعددية داخل كل طائفة،لافتا الى أن المفارقة هو أن الطائفة الأكثر تعرضا للخطر وهم المسيحيون هي الطائفة الأكثر احتفاظا بتنوعها الداخلي بينما الطوائف الاسلامية هي الاقل تنوعا سياسيا داخل كل منها.
وأضاف ان النظام الدولي السابق وفي نهاياته منع تقسيم لبنان، ولكن النظام الدولي الراهن سمح بولادة دولة أمر واقع كردية على مرحلتين، كما سمح بانفصال كامل لجنوب السودان لا بل قاد هذا الانفصال. وأشار الى انه في النظام الدولي الجديد ومع استمرار ثبات الحدود الدولية الا انه أقل صرامة من النظام الدولي السابق حيال تعديل الحدود الداخلية للعديد من الدول وخاصة في أفريقيا ودول المنطقة.
وتابع: بقينا دولة واحدة في الطائف وبعده، أدعى بعضنا أنه يحب ذلك أم لا؟ أكانت النخبة المسيحية التي شاركت في صياغة اتفاق الطائف تمثل أقلية في الجو المسيحي أم لا؟ والنخبة المسحية التي شاركت في استقلال 1943كانت أيضا أقلية.
وأشار اننا اليوم نتحدث عن ذكريين واحدة في آخر الحرب العالمية الثانية هي ذكرى الاستقلال وواحدة موصولة بآخر الحرب الباردة وهي ذكرى الطائف، لكن الزلزال السوري أعادنا الى ما بعد الحرب العالمية الاولىفيما نستشعره بأنه اعادة صياغة ل" سايكس بيكو". فمنذ بدا الانفجار السوري أعتقد أن الاساسيات في الحياة السياسية اللبنانية مؤجلة بانتظار ظهور نتائج الوضع السوري، لذلك في المثلث الذي طرحه موضوع هذه الندوة فان أقوى ما لدينا هو التعددية بين الطوائف، رغم أنها مهددة جديا في المنطقة ورغم أنها منتكسة داخل كل طائفة عند الشيعة والسنة والدروز بالأخص، فخسارة تعدد المنطقة ستكون نهائية اذا حصلت أما التعدد داخل كل طائفة فيستعاد بقوة الاجتماع السياسي في عالمنا المعولم، والخطر الحقيقي هو الخطر الوجودي الذي يهدد هذه البيئة أو تلك الجماعة، أما أضعف ما لدينا فهو الاستقلال. وأما الطائف فسنرى مآله على ضوء مصير سوريا، والسؤال هل تصمد الدولة اللبنانية أمنا واقتصادا حتى اتضاح ذلك؟