آخر تحديث: الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 - 02:16 PM إتصل بنا . خريطة الموقع . ابحث:




مختارات

انسداد «التوافق» اللبناني - طوني فرنسيس (الحياة)

الثلاثاء 31 تموز 2018

 لا يصحّ استعجال القول باستعصاء تشكيل الحكومة في لبنان، لكن يمكن تلمّس أن استمرار الواقع السياسي على ما هو عليه، قد يقود الى الانسداد التام وليس فقط الى استعصاء إنجاز التشكيلة الحكومية.


صحيح أن التوافق هو من أساسيات الحكم في لبنان نتيجة تنوّعه الطائفي والمذهبي، غير أن هذا التوافق المطلوب هو في طريقه الى التحول شرطاً مستحيلاً بسبب ما أسفرت عنه «التوافقات» المفروضة أو المتفق عليها بين مراكز القوى في الطوائف والمذاهب المعنية، إن في ممارسة السلطة كشكل من أشكال تحويل الدولة الى غنيمة، وإن في إقرار القوانين والأعراف التي تضمن تجديد صيغة الحكم وتجعلها في الوقت نفسه أكثر أحادية وتسلّطاً.

قانون الانتخابات النيابية الأخير، على رغم ما يرى فيه البعض من محاسن، نموذج عن نهج التوافق الذي سيخلق الانقسام والتباعد. فقد صيغ القانون المتوافق عليه، بروحية احتكار التمثيل الطائفي والمذهبي، وقيل لدى تسويقه أن الأقوى يجب أن يفوز. وإثر تطبيقه في السادس من أيار (مايو) الماضي، تبارت التنظيمات المذهبو - سياسية في الإعلان عن تمكّنها من الفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية المخصصة للطائفة أو المذهب الذي تنتمي إليه، وللمرة الأولى نشهد منذ ما قبل الاستقلال هذا الانحدار المتسارع من صيغة التكتلات السياسية - النيابية المختلطة الى صيغ التمثيل الطائفي الصافية: من الانقسام الدستوري الكتلوي في بدايات الاستقلال، الى الشيعي والسني والماروني والدرزي في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين...

كان الاختلاط السياسي عاملاً مساعداً في تسهيل مهمة الحكم وفي التقريب بين الناس من ذوي الانتماءات الدينية المختلفة. الآن، نحن أمام طوائف ومذاهب تتمتع بتمثيلها الخاص الذي تحاول ترجمته حصة في دولة مركزية تزداد وهنا وتتحول الى ضحية، بعد أن كان التمثيل السياسي الديموقراطي ضحية أولى «للأقوياء» في مذاهبهم.

هذا التنافس على ضمان الحصص من الموقع المذهبي البحت، هو الذي يقود الى انسداد الحياة السياسية، وهو ما يفسر الشعور المتزايد لدى عموم اللبنانين باليأس واللاجدوى. فالإمعان في التمترس خلف الحجم الطائفي لا يهدد فقط إمكانية قيام المؤسسات بأدوارها الطبيعية، وإنما يهدد الصيغة التي يقوم عليها الحكم منذ اتفاق الطائف، وكما ولد الطائف على يد قوى من خارج الميليشيات المتحاربة في حينه، قد تجد قوى الأمر الواقع الطائفي والميليشياوي النافذة اليوم نفسها في الموقع نفسه، لكن ما الثمن الذي سيدفعه اللبنانيون عندها؟

لا يزال عقال لبنان يرون أن تشكيل الحكومة وقيامها بمهامها، وبرئاسة سعد الحريري تحديداً، أمر ممكن وضروري. وواقع الأمر أن لا بدائل أخرى مهما بلغت أوهام هذا الطرف أو ذاك .

شارك المقال


أرشيف    إطبع     أرسل إلى صديق     تعليق



عودة إلى مختارات       عودة إلى الأعلى


2024 حركة التجدد الديمقراطي. جميع الحقوق محفوظة. Best Viewed in IE7+, FF1+, Opr7 تصميم: